وتتضح خطورة المخدرات على التنمية إذا ما عرفنا أن اليمن كانت من أشهر مصدري البن الممتاز في العالم، ولكن طغت شجرة القات على شجرة البن بسبب إقبال المواطنين على " تخزين " أوراق القات ومضغها.
وشجرة القات تعمر عشرين عاماً، ولا تحتاج إلى أرض خصبة، وتصمد للآفات وفضلاً عن ذلك فهي تدر ألف ريال في العام، وتصدر أوراقها من صنعاء إلى عدن بما قيمته ثمانون ألف جنيه إسترليني شهرياً. إنه إغراء الشيطان الذي يلعب بالعقول! فشجرة البن موسمية لا تدر على صاحبها سوى ستين ريالاً سنوياً، ولا تنبت إلا في أرض خصبة، ولا تقاوم الآفات، واستيلاء الحكومة على جزء من المحصول كضريبة، يقابله إعراض اليمنيين عن تعاطي البن واستهلاك قشرته، مما أدى إلى انخفاض صادرات اليمن من البن إلى ثلاثة آلاف طن بعد أن كانت تصدر ستة عشر ألف طن سنوياً.
والنتيجة أن الجمهورية العربية اليمنية تخسر سنوياً ما يزيد على ثلاثة آلاف وخمسمائة مليون ساعة هو الوقت الهائل الذي يضيع على أبناء اليمن بسبب مضغ أوراق القات وتخزينه وهو وقت تتبين قيمته في التنمية المطلوبة لهذا البلد الإسلامي، فيصيب اقتصادها بخسائر فادحة، فضلاً عن ألف مليون ريال ثمناً للقات الذي يستهلكه المواطنون 1.
والعجيب أن تأتي قوائم الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام 1961، وقوائم اتفاقية المواد النفسية لعام 1971 خالية من إدراج القات الذي ثبتت أضراره الصحية والاقتصادية والاجتماعية على شعوب بأكملها. ولعل السبب في ذلك أن الهيئات الدولية تعتبر القات مشكلة إقليمية مقصورة على جنوب الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، وأن القات تمضغ أوراقه طازجة ولا يتحمل التصدير إلى مناطق أخرى بعيدة عن مناطق إنتاجه خشية ذبوله وضياع تأثيره الفعال.
ولقد وافق المشتركون في ندوة القادة الإداريين التي عقدت بصنعاء من 15 - 21 مايو 1972 على قرار ينص: " على اعتبار القات كارثة وطنية وتحريم القات بين كافة العاملين في