114 - فتعالى الله وتقدّس وجَلَّ، الملك الذي له ملك كل شيء، الذي هو حق وقوله حق، تعالى عما يصفه به المشركون، ولا تسرع -أيها السول- بقراءة القرآن مع جبريل قبل أن ينهي إليك إبلاغه، وقيل: رب زدني علمًا إلى ما علّمتني.
ولما ذكر الله قصة موسى وما اشتملت عليه من إعراض فرعون وغفلة بني إسرائيل, ذكر قصة آدم عليه السلام حثًّا على رجوع من نسي إلى طاعة الله فقال:
115 - ولقد وصينا آدم من قبل بعدم الأكل من الشجرة، ونهيناه عن ذلك، وبيّنا له عاقبته، فنسي الوصية وأكل من الشجرة، ولم يصبر عنها, ولم نر له قوة عزم على حفظ ما وصيناه به.
116 - واذكر -أيها الرسول- إذ قلنا للملائكة: اسجدوا لآدم سجود تحية، فسجدوا كلهم إلا إبليس -الذي كان معهم ولم يكن منهم- امتنع من السجود تكبرًا.
117 - فقلنا: يا آدم، إن إبليس عدوّ لك وعدو لزوجك، فلا يخرجنّك أنت وزوجك من الجنة بطاعته فيما يوسوس به، فتتحمّل أنت المشاقّ والمكاره.
118 - إن لك على الله أن يطعمك في الجنة فلا تجوع، ويكسوك فلا تعرى.
119 - وأن يسقيك فلا تعطش، ويظلك فلا يصيبك حر الشمس.
120 - فوسوس الشيطان إلى آدم، وقال له: هل أرشدك إلى شجرة مَنْ أكل منها لا يموت أبدًا، بل يبقى حيًّا مُخَلدا، ويملك ملكًا مستمرا لا ينقطع ولا ينتهي؟!
121 - فأكل آدم وحواء من الشجرة التي نُهِيا عن الأكل منها، فظهرت لهما عوراتهما بعد أن كانت مستورة، وشرَعا ينزعان من أوراق شجر الجنة، ويستران بها عوراتهما، وخالف آدم أمر ربه إذ لم يمتثل أمره باجتناب الأكل من الشجرة، فتعدّى إلى ما لا يجوز له.
122 - ثم اختاره الله وقبل توبته، ووفّقه إلى الرشاد.
123 - قال الله لآدم وحواء: انزلا من الجنة أنتما وإبليس، فهو عدو لكما وأنتما عدوان له، فإن جاءكم مني بيان لسبيلي: فمن اتبع منكم بيان سبيلي وعمل به ولم ينحرف عنه؛ فلا يضلّ عن الحق، ولا يشقى في الآخرة بالعذاب، بل يدخله الله الجنة.
124 - ومن تولّى عن ذكري ولم يقبله، ولم يستجب له فإن له معيشة ضيقة في الدنيا وفي البَرْزَخ، ونسوقه إلى المحشر يوم القيامة فاقد البصر والحجة.
125 - يقول هذا المُعْرِض عن الذكر: يا رب، لم حشرتني اليوم أعمى، وقد كنت في الدنيا بصيرًا.
x• الأدب في تلقي العلم، وأن المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر حتى يفرغ المُمْلِي والمعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض.
• نسي آدم فنسيت ذريته، ولم يثبت على العزم المؤكد، وهم كذلك، وبادر بالتوبة فغفر الله له، ومن يشابه أباه فما ظلم.
• فضيلة التوبة؛ لأن آدم عليه السلام كان بعد التوبة أحسن منه قبلها.
• المعيشة الضنك في دار الدنيا، وفي دار البَرْزَخ، وفي الدار الآخرة لأهل الكفر والضلال.