علم الأنساب، والأنواء، والتواريخ، وتعبير الرؤيا، وكان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فيها يد طولى، وكانت الجاهلية تفعل أشياء جاءت شريعة الإسلام بها، فكانوا لا ينكحون الأمهات والبنات، وكان أقبح شيء عندهم الجمع بين الأختين، وكانوا يعيبون المتزوج بامرأة أبيه، ويسمونه الضْيزن، وكانوا يحجون البيت ويعتمرون ويحرمون ويطوفون ويسعون، ويقفون المواقف كلها ويرمون الجمار، وكانوا يكبسون في كل ثلاثة أعوام شهراً، ويغتسلون من الجنابة، وكانوا يداومون على المضمضة والاستنشاق، وفرق الرأس والسواك، والاستنجاء وتقليم الأظافر، ونتف الإبط وحلق العانةْ والختان، وكانوا يقطعون يد السارق اليمنى.
وقد قسمت المؤرخون العرب إلى ثلاثة أقسام بائدة وعاربة ومستعربة.
أما البائدة فهم العرب الأول، الذين ذهبت عنا تفاصيل أخبارهم، لتقادم عهدهم، وهم عاد وثمود وجرهم الأولى، وكانت على عهد عاد، فبادوا ودرست أخبارهم، وأما جرهم الثانية فهم من ولد قحطان، وبهم اتصل إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، ولم يبق من ذكر العرب البائدة إلا القليل، على ما نذكره الآن. وأما العرب العاربة، فهم عرب اليمن، من ولد قحطان.
وأما العرب المستعربة فهم ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وهم طسم وجديس، وكانت مساكن هاتين القبيلتين في اليمامة من جزيرة العرب. وكان الملك عليهم في طسم، واستمروا على ذلك برهة من الزمان، حتى انتهى الملك من طسم إلى رجل ظلوم غشوم، قد جعل سنّته أن لا تُهدى بكْر من جديس إلى بعلها حتى يدخل عليها فيفترعها، ولما استمر ذلك على جديس، أنفوا منه واتفقوا على أن دفنوا سيوفهم في الرمل، وعملوا طعاماً للملك، ودعوه إليه، فلما حضر في خواصه من طسم، عمدت جديس إلى سيوفهم، وقتلوا الملك، وغالبوا طسم، فهرب رجل من طسم وشكا إلى تبع ملك اليمن، وقيل هو حسان بن سعد، واستنصر به، وشكا ما فعله جديس بملكهم، فسار ملك اليمن إلى جديس، وأوقع بهم فأفناهم، فلم يبق لطسم وجديس ذكر بعد ذلك.
العرب العاربة
وهم بنو قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح، فمنهم بنو جرهم بن قحطان، وكانت مساكنهم بالحجاز، ولما اسكن إبراهيم الخليل ابنه إسماعيل عليهما السلام مكة، كانت جرهم نازلين بالقرب من مكة، فاتصلوا بإسماعيل وتزوج منهم، وصار من ولد إسماعيل العرب المستعربة لأن أصل إسماعيل ولسانه كان عبرانياً، ولذلك قيل له ولولده