وخلف عز الدين المذكور ولداً اسمه مسعود، وقصد منكوتمر أن يزوجه بزوجة ابنه عز الدين كيكاؤوس، فهرب مسعود واتصل ببلاد الروم، فحمل إلى أبغا، فأحسن إليه أبغا وأعطاه سيواس وأرزن الروم، وأرزنكان، واستقرت هذه البلاد لمسعود المذكور، ثم بعد ذلك جعلت سلطنة الروم باسم مسعود المذكور، وافتقر جداً، وانكشف حاله، وهو آخر من سمي سلطاناً من السلجوقية بالروم.
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وستمائة.
في هذه السنة وصلت العساكر الخارجون عن طاعة بركة المذكور إلى الديار المصرية، في ربيع الأول، وحصروا الملك السعيد بركة بقلعة الجبل، فخامر على السعيد بركة، غالب من كان معه من الأمراء، مثل لاجين الزيني وغيره، وبقي يهرب واحد بعد واحد من القلعة، وينضم إلى العسكر المحاصر للقلعة، فلما رأى الملك السعيد بركة ذلك، أجابهم إلى الانخلاع من السلطنة، وأن يعطى الكرك، فأجابوه إلى ذلك، وأنزلوه من القلعة، وخلعوه في ربيع الأول من هذه السنة. أعني سنة ثمان وسبعين وستمائة، وسفروه من وقته إلى الكرك، صحبة بيد عان الركني، وجماعة معه، فوصل إليها وتسلمها بما فيها من الأموال وكان شيئاً كثيراً.
وفي هذه السنة، لما جرى ما ذكرناه من خلع الملك السعيد بركة، وإعطائه الكرك، اتفق أكابر الأمراء الذين فعلوا ذلك، مثل بدر الدين البيسري الشمسي، وأيتمش السعدي، وبكتاش الفخري، أمير سلاح، وغيرهم، على إقامة بدر الدين سلامش ابن الملك الظاهر بيبرس في المملكة، ولقبوه الملك العادل، وعمره إذ ذاك سبع سنين وشهور، وخطب له، وضربت السكة باسمه، وذلك في شهر ربيع الأول من هذه السنة، وصار الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي، أتابك العسكر، ولما استقر ذلك، جهز أتابك العسكر المذكور، الأمير شمس الدين سنقر الأشقر إلى دمشق، جعله نائب السلطنة بالشام، وكان العسكر لما خافوا السعيد بركة، قد قبضوا على عز الدين أيدمر نائب السلطنة بدمشق، وتولى تدبير دمشق بعد أيدمر، أقوش الشمسي نائب السلطنة بحلب، فسار وتولاها، واستمر الحال على ذلك مدة يسيرة.
وفي هذه السنة أعني سنة ثمان وسبعين وستمائة، في يوم الأحد، الثاني والعشرين من رجب، كان جلوس السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي في السلطنة، بعد خلع الصبي