ذكر قتل إسماعيل صاحب دمشق في هذه السنة في رابع عشر ربيع الآخر، قتل شمس الملوك إسماعيل بن توري بن طغتكين، وكان مولده في سابع جمادى الآخرة، سنة ست وخمسمائة، قتله على غفلة جماعة باتفاق من والدته، وقد اختلف في سببه فقيل إن الناس لفرط جور إسماعيل المذكور، وظلمه ومصادرته، كرهوه وشكوه لأمه، فاتفقت مع من قتله، وقيل بل إن أمه اتهمت بشخص من أصحاب والده يقال له يوسف بن فيروز، فأراد قتل أمه فاتفقت مع من قتله. وسر الناس بقتله، ولما قتل ملك بعده أخوه شهاب الدين محمود بن توري، وحلف له الناس.
وفيها بعد قتل شمس الملوك، وصل عماد الدين زنكي إلى دمشق، وحصرها وضيق عليها، وقام في حفظ البلد معين الدين أنز مملوك طغتكين، القيام التام الذي تقدم به، واستولى على الأمر بسببه، فلما لم ير زنكي في أخذ دمشق مطمعه اصطلح مع أهلها ورحل عنها عائداً إلى بلاده.
ذكر قتل حسن بن الحافظ لدين الله العلوي قد تقدم في سنة ست وعشرين وخمسمائة أن أباه استوزره، فتغلب حسن المذكور على الأمر واستبد به، وأساء السيرة وأكثر من قتل الأمراء وغيرهم ظلماً وعدواناً، وأكثر من مصادرات الناس، فأراد العسكر الإيقاع به وبأبيه، فعلم أبوه الحافظ ذلك، فسقاه سماً فمات، ولما مات حسن، استوزر الحافظ، تاج الدولة بهرام، وكان نصرانياً فتحكم واستعمل الأرمن على الناس، فكان ما سنذكره.
الحرب بين الخليفة المسترشد وبين السلطان مسعود
في هذه السنة، كانت الحرب بين الخليفة المسترشد وبين السلطان مسعود، وسببه أن جماعة من عسكر مسعود فارقوه مغاضبين، واتصلوا بالخليفة المسترشد، وهونوا عليه قتال السلطان مسعود، فاغتر بكلامهم وسار من بغداد إلى قتال السلطان مسعود، وسار مسعود إليه واتقعوا عاشر رمضان من هذه السنة، فصار غالب عسكر الخليفة مع مسعود، وانهزم الباقون، وأخذ الخليفة المسترشد أسيراً ونهب عسكره، وأسروا وبقى المسترشد مع مسعود أسيراً، ثم سار به مسعود من همذان إلى مراغة، في شوال، لقتال ابن أخيه داود بن محمود فنزل على فرسخين من مراغة والمسترشد معه في خيمة منفردة، وكان قد اتفق مسعود مع الخليفة على مال يحمله الخليفة إليه وأن لا يعود يخرج من بغداد، واتفق وصول رسول السلطان سنجر إلى مسعود، فركب مسعود والعساكر لملتقاه، فوثبت الباطنية على المسترشد، وهو في تلك الخيمة فقتلوه ومثلوا به، فجدعوا أنفه وأذنيه، وقتل معه نفر من أصحابه، وكان قتل