والمشان موضع من أعمال بغداد، وكان إذا غضب على شخص نفي إليه، وكان الحريري بصرى المولد والمنشأ وينتسب إلى ربيعة الفرس وخلف ولدين أحدهما عبيد الله، وهو أحد رواة المقامات عن والده، والثاني كان متفقهاً.
وفيها أعني سنة خمس عشرة وخمسمائة قتل مؤيد الدين الحسين بن علي ابن محمد الطغرائي المنشي الدؤلي من ولد أبي الأسود الدؤلي من أهل أصفهان وكان عالماً فاضلاً شاعراً كاتباً منشئاً، خدم السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان وكان متولياً ديوان الطغر، ثم بقي على علو منزلته حتى استوزره السلطان مسعود، وجرى بينه وبين أخيه محمود الحرب، وانهزم مسعود فأخذ الطغرائي أسيراً وقتل صبراً، ومن شعره قصيدته المشهورة التي أولها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتي لدى العطل
هكذا ذكره القاضي شهاب الدين. وما الشيخ عز الدين علي بن الأثير فذكر أن قتل الطغرائي كان في سنة أربع عشرة وخمسمائة، وقال عنه السلطان محمود: قد ثبت عندي فساد عقيدته، وأمر بقتله وكان الطغرائي قد جاوز ستين سنة، وكان يميل إلى عمل الكيمياء.
وفيها أعني سنة خمس عشرة وخمسمائة، توفي بمصر علي بن جعفر بن علي محمد، المعروف بابن القطاع النحوي العروضي. وكان أحد الأئمة في علم الأدب واللغة، وله عدة مصنفات، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة فيها قتل السلطان محمود جيوش بك، وهو الذي كان قد خرج على السلطان مع مسعود أخي السلطان ولما أمن محمود أخاه جيوش بك وأقطعه أذربيجان، سعت به الأمراء إلى محمود فقتله في رمضان على باب تبريز.
ذكر وفاة أيلغازي في هذه السنة في رمضان، توفي أيلغازي بن أرتق، وملك بعده ابنه تمرتاق قلعة ماردين، وملك ابنه سليمان ميافارقين، وكان بحلب ابن أخيه سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، فبقي بها حاكماً إلى أن أخذها منه ابن عمه بلك بن بهرام بن رتق. وفيها أقطع السلطان محمود مدينة واسط لأقسنقر. البرسقي، زيادة على ما بيده من الموصل وأعمالها، فاستعمل البرسقي على واسط عماد الدين زنكي بن أقسنقر.
وفيها توفي عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد ومولده سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وكان ثقة حافظاً للحديث.
ثم دخلت سنة سبع عشرة وخمسمائة في هذه السنة كان الحرب بين الخليفة المسترشد بالله وبين دبيس بن صدقة، فخرج الخليفة بنفسه، مع من اجتمع إليه، واشتد القتال بينه وبين دبيس، فانهزم دبيس وعسكره، وسار دبيس إلى غزية من العرب فلم يطيعوه فراح إلى المنتفق واتفقوا معه، وسار إلى البصرة، ونهبها، ثم سار دبيس إلى الشام وصار مع الفرنج، وأطمعهم في ملك حلب.
وفيها سلم سليمان بن عبد الجبار بن أرتق