من الكوفة ما يملك ما يلبسه إلا فروة لم يكن تحتها قميص.
وفي هذه السنة مات مطيع بن إياس الشاعر. وفيها توفي نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نعيم المقرئ. أحد القراء السبعة، وروى عن نافع راويان، وهما ورش وقنبل، وكان نافع إمام أهل المدينة في القراءة، ويرجعون إلى قرائته، وكان محتسباً فيه دعابة، وكان أسود شديد السواد، وقرأ مالك عليه القرآن، وهذا نافع بن عبد الرحمن المقرئ. غير نافع مولى عبد الله بن عمر المحدث، فليُعْلم ذلك. وفيها مات الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه.
ثم دخلت سنة سبعين ومائة وفاة الهادي وفي هذه السنة توفي موسى الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور في ليلة الجمعة منتصف ربيع الأول، وكانت خلافته سنة وثلاثة أشهر، وكان عمره ستاً وعشرين سنة، قيل إِن أمه الخيزران قتلته، بأن أمرت الجواري فغمين وجهه وهو مريض، فمات ودفن بعيسا باذ الكبرى في بستانه، وكان طويلاً جسيماً أبيض، وكان بشفته العليا تقلص، وكان له سبعة بنين وابنتان.
وهو خامسهم. وفي هذه السنة أعني سنة سبعين ومائة، بويع للرشيد هارون ابن المهدي محمد بالخلافة، في الليلة التي مات فيها الهادي، وكان عمر الرشيد حين ولي اثنتين وعشرين سنة، وأمه وأم الهادي الخيزران أم ولد وكان مولد الرشيد بالري في آخر ذي الحجة، سنة ثمان وأربعين ومائة، ولما مات الهادي بعيسا باذ صلى عليه الرشيد وسار إِلى بغداد وفي هذه السنة في شوال، أولد الأمين محمد بن الرشيد من زبيدة، واستوزر الرشيد يحيى بن خالد، وألقى إِليه مقاليد الأمور. وفي هذه السنة عزل الرشيد الثغور كلها، من الجزيزة وقنسرين، وجعلها حيزاً واحداً، وسميت العواصم، وأمر بعمارة طرسوس، على يد فرج الخادم التركي، ونزلها الناس. وفي هذه السنة أمر عبد الرحمن الداخل الأموي المستولي على الأندلس ببناء جامع قرطبة، وكان موضعه كنيسة، وأنفق عليه مائة ألف دينار.
ثم دخلت سنة إِحدى وسبعين ومائة: في هذه السنة توفي عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس بقرطبة، ويعرف بعبد الرحمن الداخل، لدخوله بلاد المغرب، وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. في ربيع الآخر، وكان مولده بأرض دمشق سنة ثلاث عشرة ومائة، ومدة ملكه الأندلس ثلاث وثلاثون سنة، لأنه تولى الأندلس في سنة تسع وثلاثين ومائة، ولما مات ملك بعده ابنه هشام بن عبد الرحمن، وكان عبد الرحمن أصهب خفيف العارضين طويلاً نحيفاً أعور.
وقصده بنو أمية من المشرق والتجأوا إِليه.
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائة: فيها توفي رباح وكنيته أبو زيد اللخمي الزاهد بمدينة القيروان،