وَقَوْلِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَهْلَلْنَا مَعْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلا يَخْلطُهُ شِيْءٌ.
فَلا يُقاَوِمُ مَعْلُولُ حَدِيثِ أبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ جَمَاعَةَ الصَّحَابَةِ وَلا وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَلا يُقَاوِمُ مَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ مَرْوانَ الأَصْفَرَ.
وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ كَيْفَ جَازَ هَذَا عَلَى الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ قَالَ بِالْقِرَانِ عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَحِمَ الله مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَلَقْدَ كَانَ مِنْ جَهَابِذَةِ الأَئِمَّةِ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ خَالَفَهُ بِالْقَرِيبِ مِنْ مكَانِهِ - فَوَهِلَ, وَلَوْ اتَّبَعَ إِمَامَ دَارِ الْهِجْرَةِ وَمَنْزِلِ الْوَحْيِ لَزَكَى وَفَضُلَ.
ثُمَّ نَقُولُ: إِنَّ حَدِيثَ أبِي قِلاَبَةَ الْمَعْلُولَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ ظَاهِرُهُ الْمُخَالِفُ لِلْجَمَاعَةِ بِالتَّأْوِيلِ، فَقَدْ كَانَ أَخِي رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجِّ وَعُمْرَةٍ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجٍّ فِعْلًا، وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ أَمْرًا، كَمَا قَالَ: رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا مَعَهُ، فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ، وَمَا رَجَمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَحَجَرٍ لَكِنَّهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَمَا كَتَبَ هُوَ بِيَدِهِ, وَلَكِنْ أَمَرَ بِالْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: قَتَلَ الأَمِيرُ فُلاَنًا، إِذَا أَمَرَ بِقَتْلِه.
وَوَجْهٌ آخَرَ:
وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ فِيهِ: أَهَلَّ لنَا بِهِمَا, يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ لنَا الإهْلالَ بِهِمَا قَوْلًا أََمْرًا أَوْ تَعْلِيمًا مِنْهُ لَهُمْ صَلَّى الله عَلَيْهِ