فقد حفظ الله عليكم التنزيل، وبين لكم الرسول، وقيد العلماء، واستنبط الفقهاء، ونقلت الأمة، وصححت الأئمة، واجتمعت على هذا الكتاب الجامع الصحيح الآثار، وقنعت به عن أمات أهل الإكثار، واقتصرت قرون الإسلام عليه، ولجأ المخالف والمؤآلف إليه، ولن تجتمع الأمة على ضلال، ولا تتفق على اختلال.

فرحم الله مؤلفه الفاضل محمد بن إسماعيل العالم المرضي، والحبر الزكي، الناهج لسبيل النجاة، والدليل الماهر في مهامه الرواة، والنجم الهادي في الظلمات، .. يتضمن صحيح الحديث على أئمة الأمصار، فما عورض والزعيم يميز صريح الأسانيد ..

العارف بعدالة الرجال الحاكم فيهم بتغليب الحال، المنكت بجواهر العلم بتبويباته، والمنبه على خفيه بإشاراته، فهو يصدر في أول الباب بوجه الحديث ليفهم، ويميز المعنى الذي به ترجم، ويكرر الأحاديث بكثرة المعاني التي فيها، فمن وهب الله له فهمها ودَّ تكثيرها، ومن خفت عليه كره تكريرها.

فلذلك رغب إِلَيَّ منكم راغبون كثير في اختصار تكراره، وتحرير آثاره، حرصا على قرب أمره، وتأتي حفظه، ولو كان تكرره في كل باب على نص واحد لأمكن ما رغبوه، وساغ ما أرادوه، ولكن يكرره بألفاظ مختلفة يدل على وجوه، وبزيادات الرواة على غيرهم تنفس المعاني للناظر الفقيه.

فلو اختصر على ما ظنه الراغبون فيه، واحتمل على رأي المستنبطين له, لذهبت بهجة الكتاب، وطمست [ص/3] أعين المعاني, وعدم من فوائد الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015