أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ» , وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ الله لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإِنَّها لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، قَالَ سِلْمٌ: غَيْرَ أَنَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ بالْعَزْلَاوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا، وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنْ الْمِلْءِ ثُمَّ قَالَ: «هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ».

قَالَ عَوْفٌ: «اجْمَعُوا لَهَا» , (فَجَمَعُوا لَهَا) (?) مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ, قَالَ سِلْمٌ: مِنْ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ, قَالَ عَوْفٌ: حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا فَجَعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا وقَالَ لَهَا: «تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَالكِ شَيْئًا وَلَكِنَّ الله هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا».

فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدْ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالَوا: مَا حَبَسَكِ فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: الْعَجَبُ، لَقِيَنِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالَ لَهُ الصَّابِئُ فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَالله إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ، تَعْنِي السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ الله حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أدْرِي أَنَّ هَؤُلَاءِ (?) الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا فَهَلْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ.

قَالَ سِلْمٌ: فَهَدَى الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015