الشيخ محمد رحمه الله وتقرير مذهبه، وما كان عليه في المعتقد والدين، ليعلم الواقف على ما قرنناه حقيقة المذاهب، وحاصل العقائد، فيما وقعت فيه الخصومة فنقول: (وأخذ الشيخ يتكلم في بحث نفيس، قلَّ أن يوجد نظيره، بيَّن فيه بداية خروج الخوارج، وحقيقة مذهبهم والأسباب الداعية لخروجهم، إلى أن قال رحمه الله): هذا ملخَّص أمرهم.
وقد عرفت شبهتهم التي جزموا لأجلها بكفر علي وشيعته، ومعاوية وأصحابه. وبقي معتقدهم في أناس متفرقين بعد هذه الوقعة، ثم اجتمعت لهم شوكة ودولة فقاتلهم المهلَّب بن أبي صفرة، وقاتلهم الحجاج بن يوسف، وقاتلهم قبله ابن الزبير زمن أخيه عبد الله. وشاع عنهم التكفير بالذنوب، يعني ما دون الشرك، وبهذا تعرف حقيقة الحال، ويزول الإشكال الذي نشأت منه الشبهة.
وما أحسن ما قال العلامة ابن القيم في نونيته:
ومن العجائب أنهم قالوا لمن
قد دان بالآثار والقرآن
أنتم بذا مثل الخوارج إنهم
أخذوا الظواهر، ما اهتدوا لمعان
وهذا داء قديم في أهل الشرك والتعطيل" من كفَّرهم بعبادتهم غير الله وتعطيل أوصافه وحقائق أسماءه، قالوا له: أنت مثل الخوارج، يكفرون بالذنوب ويأخذون بظواهر الآيات.
ومعلوم أن الذنوب تتفاوت وتختلف بحسب منافاتها لأصل الحكمة المقصودة بإيجاد العالم، وخلق الجن والإنس، وبحسب ما يترتب عليها من هضم حقوق الربوبية، وتنقص رتبة الإلهية، وقد كفَّر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بكثير