وإخراج السواد الأعظم لجمهور المسلمين من دينهم وملتهم، بلا دليل ولا برهان، اللَّهم إلاَّ الزعم بأن إجراء الأحكام على المشركين والمرتدين من صلب وماهية أصل الدين، تلك الدعوى المفتراة التي لم يقم عليه صحتها دليل صحيح صريح من الكتاب، أو السنَّة، بفهم أصحاب الثلاثة القرون الأولى المفضلة، ولا إجماعهم المعصوم، الواجب الاتباع.

وعندنا نقرر هذا، فينبغي أن نقرر ونعلن في مقابله: أن العلماء قد عدّوا عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح مذهبهم، ناقضًا من نواقض الإسلام، المبيحة للدم والمال، ولكن هناك فرقًا كبيرًا، وبونًا شاسعًا، بين أن يكون إجراء الأحكام على المشركين بإطلاق أصلاً من أصول الدين، وبين أن يكون في بعض مناطاته وصوره، ناقضًا من نواقض الإسلام، يخضع في ذلك لتوفر شروط التكفير، وانتفاء موانعه، التي قررها الصحابة والتابعون، ومن سار على دربهم، واقتفى أثرهم، لا أهل الإرجاء والتجهم الحديث والمعاصر، الذين يريدون غلق هذا الباب، وطي هذا الملف، حتى تمنى كثير منهم عدم الخوض في هذه القضية، أو الحديث عنها، أو سماعها، لئلا تقسو القلوب، وتزل الأقدام في الوقوع في المحذور، هكذا زعموا!

ولا يفوتني في هذا المقام، أن أعلن البراءة من كلٍ من منهجي الخوارج والمرجئة، والتحذير المتكرر للأمة من عاقبة شؤم بدعتهما، وآثارهما السيئة، ولكن انطلاقًا من معالم منهج أهل السنَّة والجماعة، الذي يريد الخير الدائم لكل الناس، ينبغي علينا دومًا أن نرفع أكف الضراعة لله الهادي إلى سواء الصراط أن يهدينا وسائر إخواننا - المغالين والمفرطين - للصواب، وأن يجنبنا جميعًا الكفر، والزلل، والبدع، ومحدثات الأمور.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015