وقال بعض علماء نجد:
«ومعنى لا إله إلاَّ الله: توحيده في عبادته مع التبري من كل معبود سواه كما أخبر الله عن نبيه إبراهيم - عليه السلام - بقوله تعالى: {إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 26، 27] ....
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قال لا إله إلاَّ الله وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله» رواه مسلم.
فحينئذٍ من لا يكفر بكل معبود سوى الله لا يحرم دمه وماله، ولا يكون مسلمًا بمجرد التلفظ بلا إله إلاَّ الله إلاَّ إذا أضاف إليها الكفر بما يعبد من دون الله، ولا بمعرفة معناها مع التلفظ بها، بل ولا كونه لا يدعو إلاَّ الله، ولم يكفر بما يعبد من دون الله، لم يكن مسلمًا بذلك فلا يحرم ماله ودمه.
فهذا أصل لا مرية فيما تضمنه ولا شك فيه، وأنه لا يتم إيمان أحد حتى يعلمه ويعمل له.
فإن قيل: قد أنكر - صلى الله عليه وسلم - على أسامة: قتله لمن قال لا إله إلاَّ الله؟
فالجواب: أنه لا شك أن من قال لا إله إلاَّ الله من الكفار، حقن دمه وماله حتى يتبين منه ما يخالف ما قاله، ولذا أنزل الله في قصته. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية [النساء: 94].
فإن تبين التزامه لمعناها، وهو: إفراد الإلهية والعبودية لله تعالى، كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
وإن تبيَّن خلافه لم يحقن بمجرد التلفظ ماله ودمه، وهكذا كل من أظهر التوحيد، وجب الكف عنه، إلى أن يتبين منه ما يخالف ذلك» (?).
* * *