والحق ضياعًا واندراسًا حينما تفقد الأمة الإسلامية وسائل الارتباط بمنهجها المنضبط القويم - المتصل سندًا بجميع الرسل والنبيين صلوات الله وسلامه عليهم - حال الصراع والنزال.
وعندنا نقلب صفحات التاريخ الخالدة - المليئة بالدروس والعبر -، نجد أن الأمة الإسلامة قد مر عليها كثيرٌ من المحن والرزايا، التي تحمل من الكيد والدهاء والخبث، ما الله به عليم، حتى كاد بعضها أن يكسر الإسلام، ويقصم ظهر أمته، ويستأصل وجود أبنائه، إلاَّ أن الأمة ما تلبث أن تفيء من سكرتها، وتستيقظ من غفلتها إلى منهجها القويم لتصطبغ به، فتخرج منه وبه أمة أبيَّة على المكر، عصيَّة على العداء، داحرة لكل ظالم وطاغٍ وباغٍ، وتنتهي بذلك إحدى جولات الصراع - التي لا تنتهي ما بقي زمان التكليف - بين الإسلام والكفر، لصالح الحق، ولعز المسلمين.
ودائمًا كنا نرى في هجمات أهل الكفر الشرسة على أهل ملتنا: تكاتف العلماء والأمراء، ومن ورائهم كافة طبقات الأمة، وتتعانق الأيدي والقلوب، وترص الصفوف، وتعبأ كل الطاقات لمواجهة هذا الكيد السافر، حتى ينجلي مكرهم، ويُرد كيدهم في نحرهم.
أما يومنا الطويل الأسى، البالغ من الحسرة مداه، فللأسف الشديد، نرى: تفككًا وخورًا شديدًا، مع فقدان للثقة بين كثير من فصائل الأمة، وهذا التفكك قد ورثنا: الذلة والمهانة، واستمراء الدنية، واستمرار التبعية، وورث أعداءنا بدوره: استعلاءً، وشموخًا، وعلوًا، وسفورًا في العداء.
وهذا مما يبرهن ويؤكد على حاجة الأمة الضرورية إلى منهج شامل منضبط صحيح، تلوح فيه بجلاء: البدايات والنهايات، والقواعد والأصول والنتائج، والوسائل والأهداف والغايات.