المرفوعة، وكذلك قامت بإعلان البراءة من كل الرايات التي لم تحن الفرصة بعد لرفعها، وذلك لعظيم جهلها، وكبير غفلتها.
ومنها: (طائفة) أرادت عزل الدين ومقوماته، وشرائعه وأصوله، عن سياسة دنيا الأمة، وترسيم منهج حياتها، وتحديد مجالات علاقتها بين مختلف مناحي قطاعاتها الداخلية من جانب، وبين كل من حولها من أصحاب الأديان والملل والنحل من جانب آخر. وأرادت أن تقصر دور الدين، وتحصره بين العبد وربه في بعض الطقوس التعبُّدية وذلك إلى حين، فإذا تمكنت من مخططها العفن وكيدها الخبيث، قامت بالخطوة الثانية المتمثلة في إنهاء دور الدين بالكلية، وأعلنت التمرُّد الواضح على كافة تعاليم الأديان، والردَّة - التي لا تعرف العودة - عن سائر الشعائر والشرائع.
ومنها: (طائفة) ثارت على كل ما هو باطل، ومنكر، وقامت تسبح ضد تيار عاتٍ، لتحدي سيل الطغيان الجارف، ولم تبخل في سبيل ذلك بشيء من دمائها وأموالها، بل وقدمت نفسها قربانًا لرضا الرب سبحانه، وفدية لنصرة دينه، وإقامة شريعته، وسطرت بدقائق حياتها وقطرات دمائها الزكية أروع ألوان البطولة والفداء، وأبت إلاَّ الانطلاق من حمى الإخلاص لبارئها سبحانه، حتى تعيد الأمة لطريقها، وتثبت قواعد دينها الرباني الحنيف. ونراها على قلَّة عددها، وضعف عدَّتها، إلاَّ أن الله سبحانه قد اصطفاها من الناس ليصنع بها قدره، وينفذ بها وعده، وقد ألقى لها الرعب في قلوب أعدائها.
ولكن بنظرة متأنية خالية من العواطف، نجد أن نقطة الضعف الغائرة في جسد هذه الطائفة يكمن في عدم قيامها وانطلاقها من منهج شامل متكامل متأصل بالبراهين والدلائل، حتى تستطيع من خلاله: تحديد أطر البدايات، ومستلزمات كل مرحلة من مراحل الصراع، والتخلص من عشوائية