والإخلاص أن يخلص لله في أقوال وأفعاله وإرادته ونيِّته. وهذه هي الحنيفية ملَّة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، وهي ملَّة إبراهيم التي مَن رغب عنها فهو أسفه السفهاء.
فإذا عرفت هذه المقدمة، انفتَح لك باب الجواب عن السؤال المذكور، فنقول ومن الله تعالى نستمد الصواب:
(تعريف الشرك وبيان علة عدم مغفرته)
حقيقة الشرك: هو تشبيه المخلوق بالخالق عزَّ وجلّ. وهذا هو التشبيه في الحقيقة، لا إثبات صفات الكمال التي وصف الله تعالى بها نفسه، ووصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فعكس من نكس الله قلبه وأعمى عين بصيرته فأركسه بنسبة الأمر، وجعل التوحيد تشبيهًا، والتشبيه تعظيمًا وطاعة.
فالشرك: تشبيه المخلوق بالخالق في خصائص الإلهية.
فإن من خصائص الإلهية: التفرُّد بملك الضر والنفع، والعطاء والمنع. وذلك يوجب تعلُّق الدعاء والخوف، والرجا والتوكُّل به وحده.
فمن علَّق ذلك بمخلوق فقد شبَّهه بالخالق تعالى، وجعل من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فضلاً عن غيره، شبيهًا لمن الأمر كله له. فأزمة الأمور كلها بيده، ومرجعها إليه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. بل إذا فتح لعبده باب رحمته لم يمسكها أحد، وإن أمسكها عنه لم يرسلها إليه أحد.
فمن أقبح التشبيه، تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات، بالقادر الغني بالذات. ومن خصائص الإلهية: الكمال المطلق من جميع الوجوه، الذي لا نقص فيه