أسمائه وصفاته، ولهذا قال: «والشر ليس إليك»، أي: تمتنع إضافته إليك بوجه من الوجوه، فلا يضاف الشر إلى ذاته وصفاته، ولا أسمائه ولا أفعاله، فإن ذاته منزهة عن كل شر، وصفاته كذلك، إذ كلها صفات كمال، ونعوت جلال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وأسماؤه كلها حسنى، ليس فيها اسم ذم ولا عيب، وأفعاله حكمة ورحمة ومصلحة وإحسان وعدل، لا تخرج عن ذلك ألبتة، وهو المحمود على ذلك كله، فتستحيل إضافة الشر إليه ...
وحاصله: أن الشر راجع إلى مفعولاته، لا إلى ذاته وصفاته، ويتبَّين ذلك بمثال - ولله المثل الأعلى -: لو أن ملكًا من ملوك العدل كان معروفًا بقمع المخالفين وأهل الفساد، مقيمًا للحدود والتعزيزات الشرعية على أرباب أصحابها، ولعدُّوا ذلك خيرًا يحمده عليه الملوك، ويمدحه الناس ويشكرونه على ذلك، فهو خير بالنسبة إلى الملوك، يمدح ويثنى به ويشكر عليه، وإن كان شرًا بالنسبة إلى من أقيم عليه، فرب العالمين أولى بذلك، لأن له الكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات.
وأيضًا فلولا الشر هل كان يعرف الخير، فإن الضد لا يعرف إلاَّ بضده، فإن لم تحط به خبرًا فاذكر كلام ابن عقيل (?) في الباب الذي قبل هذا، وأسلم تسلم، والله أعلم» (?).