الفقهاء يرون مشتريه كما كمالكه يعطونه حكمه في كل المسائل، وإن أراد في كل المسائل أو أكثرها؛ لأنه لو هلك عنده بأمر من الله لم يلزمه غير ثمنه.
قلت: سبقه بهذا ابن محرز وعبد الحق، ويرد بأنه إن أراد بقوله: (كمالكه) حقيقة نفوذ أمره فيه فباطل باتفاق المذهب على رد عتقه الذي هو أقرب للإمضاء، وإن أراد مجرد ضمانه إياه فمسلم، ولا يتم فرقا لوجوده في المقيس؛ لأن بأخذه الأضحية وإضجاعه إياها ضمنها بمثل ذبحها إذ لو ماتت أو اعورت حينئذ ضمنها، وفي التفرقة بقوة ضمان المشتري لإيجابه الغله له إن أخذ المستحق ربه وغرمها الغالط نظر لاحتمال اعتبارها ولغوها بإناطة الحكم بمجرد المشترك؛ لأنه أبسط، وبسيط العلة أرجح وهو ظاهر قول عبد الحق.
قلت لبعض شيوخنا: يلزم على هذا التفريق لو غصب شاة فضحى بها فأخذ ربها قيمتها أن يجزئه فقال: نعم، وأباه غيره، قال: لأن هذا ضمان تعد والأول أبين، واحتج محمد أيضًا بالقياس على ثبوت حكم أن الولد للأمة بما ولدته قبل استحقاقها بإمضاء مستحقها بيعها.
قال ابن عبد السلام: ويرد بما تقدم؛ لأنه لو وطئ جارية غيره غلطا لم تكن له أم ولد إن حملت واختار ربها أخذ القيمة.
قلت: لا تكون له أم ولد وهم بل تكون به أم ولد؛ لأن كل أمة عتق ولدها على واطئها بأبوته واستقر ملكه إياها قبل ولادتها فهي أم ولد له والقيمة على الواطئ غلطا يوم الوطء على المعروف، فإذا أغرم قيمتها فقد ملكها قبل ولادتها.
وترجم الشيخ في نوادره: باب ما تكون به الأمة أم ولد من وطء الشبهة من إحلال أو غلط فذكر فيها إن أولد أمة بعثها له من أمره بشراء أمة بأن أنها غير التي اشتراها له فهي له أم ولد.
واحتج محمد أيضًا بالقياس على إجزاء الهدي بإمضائه مستحقه بعد تقليده وإشعاره، ورده ابن عبد السلام بأنه لا يشبه الأضحية إلا إن وجد بها حية يرد يمنعه؛ لأن التقليد فيها كالذبح باعتبار حدوث العيب بعده مع إجزائها به بإمضائها المستحق، لا يقال: فالهدي لو عطب قبل محله لم يجزه فتمام القربة إنما هو بالذبح، وهو بعد إمضاء