قلت: ما نقله الصقلي عن سحنون خلاف ما تقدم عنه في العتبية، ولم يحك ابن رشد عنه خلافه.
الشيخ: روى ابن عبدوس: من قال لرجل: اقطع يدي، أو يدي، أو يد عبدي عوقب المأمور، إن فعل ولا غرم عليه في الحر، ولا في العبد.
ابن حبيب عن أصبغ: يغرم قيمة العبد لحرمة القتل، كما يلزم في دية الحر إذا قتله بإذن وليه، وفي دياتها إن قطع يده عمدًا فعفا عنه، ثم مات؛ فلأوليائه القود في النفس بقسامة، إن كان عفا عن اليد لا النفس، وفي صلحها إن صالحه على مال، ثم ترى فيها فمات فلأوليائه أن يقسموا ويقتلوا، ويردوا المال، وإن أبوا بقى لهم المال الذي أخذوا في قطع اليد، وكذا لو كانت موضحة خطأ؛ فلهم أن يقسموا، ويأخذوا الدية من العاقلة، ويأخذ الجاني ماله، ويكون في العقل كرجل من قومه، وليس للقاطع إن نكلوا عن القسامة أن يقول لهم: قد عادت الجناية نفسًا فاقتلوني، وردا المال، ولو لم يكن صلح، فقال ذلك وشاء الأولياء قطع اليد، فذلك لهم، ولهم أن يقسموا ويقتلوا.
وسمع اصبغ ابن القاسم: من صالح عن موضحه، ثم صارت منقلة لا يكون عقل ولا صلح إلا بعد البرء، فإن وقع هذا رجع بفضل المنقلة، فإن مات أقسموا أنه مات منها ورد الصلح، وأخذوا العقل كاملاً.
ابن رشد: قوله: رجع بفضل المنقلة صحيح اتفاقاً؛ لأنه إنما صالح عن الموضحة والعمد والخطأ سواء، بخلاف إذا صالح عن قطع يده، ثم تأكلت للعضد، حسبما مضى في رسم العرية من سماع عيسى.
قلت: فيه ليس له في تأكلها إلا ما اخذ؛ لأن عقل اليد قد صالح عليه، ولو تأكل الجرح إلى غير ما صالح عليه، كما لو صالح عن قطع أربع أصابع بديتها، ثم ذهبت الأصبع الخامسة بتأكل الجرح لاخذ ديتها، ولو صالح عن قطع أصبعين، ثم ذهبت بقية أصابع يده بتأكل الجرح، ففي الخطأ يرد ما أخذ، وتصير دية لليد على العاقلة، وفي العمد ياد المجروح بقية تمام دية اليد من مال الجارح.
قال ابن رشد في سماع أصبغ: ولو مات من ذلك الجرح افترق العمد من الخطأ