غائب عن البلد الذي ولي الحكم بين أهله، ولا مال له بها إنما يحكم على رجل حاضر البلد، أو على مال له بذلك البلد أو حميل أو وكيل، وغير ذلك ليس له أن يحكم عليه؛ لأنه لم يول الحكم بين جميع الناس؛ إنما ولي على أهل البلد خاصة، ولكن تنقل الشهادات إلى غيره من القضاة.

قلت: ظاهره: لو كان غائبًا عن بلد القاضي بموضع للقاضي ولاية عليه أنه يحكم عليه لا بقيد ما ذكره.

وقد تقدم ما اشرنا إليه من اختلاف نقل المازري عن المذهب: أن القاضي يحكم على الغائب بالحق عليه، وإن لم يكن له ببلد الحاكم مال ولا غيره، خلاف ظاهر سماع عيسى ابن القاسم، فعلى طريقة المازري؛ يكون قول ابن عبد الحكم خلافًا، وعلى ظاهر سماع عيسى لا يكون خلافًا.

ابن عبد السلام: ما شرطه من حضور الوكيل لا يظهر له كبير فائدة؛ لأنه إن كان للمدعي عند الوكيل مال؛ فالمال وحده كاف، وإن لم يكن؛ فلا معنى لنزاعه معه إلا أن يكون الوكيل مفوضًا إليه يلزمه الموكل إقراره.

قلت: يرد بأنه قد يكون الوكيل لا مال له تحت يده لموكله المذكور ببلد القاضي، وتحت يده له مال بيد آخر، وقد يكون للطالب بينة بحقه؛ فلا يفتقر؛ لكونه مفوضًا إليه؛ ليلزم إقراره، والفائدة: تنجيز حكم الحاكم له بحقه.

وفي سماع أشهب: سألته عن من مات، وترك زوجه بيدها ماله ورباعه، وله أخ غائب، فقام ابنه وأراد أن يثبت أن كل المال الذي بيدها لعمله ليس لها منه شيء قال: وأنا وارث ألبي، ولا وكالة له من قبله، ويقول: أنا اثبته لا تدفعوه لي، ودعوه بيد غيري أو يقوم بذلك أجنبي عن الغائب، فقال: أرى ذلك للابن، ولا يدفع له المال، ويوضع على يد عدل، وأما غير الابن؛ فلا أدري ما هذا.

ابن رشد: وكذا الأب فيما ادعاه لابنه وقع ذلك في الجدار.

وفي الواضحة ذلك في الأب أوضح منه في الابن: ولم يجز ذلك لمن سواهما من القرابة على ماله قفي الرسم الذي بعد هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015