مسطورة بصحة ما قلناه.
قال أشهب: إذا كتب قاض إلى قاض بأمر مختلف فيه, والمكتوب إليه لا يرى ذلك الرأي, فإن كتب إليه أنه حكم بما في كتابه وأنفذه؛ جاز ذلك وأنفذه هذا, وإن لم يكن قطع فيه الحكم, وإنما ينبغي له أن يعمل برأي الكاتب, ومثله لابن حبيب عن الأخوين.
وفي الموازية: يجب إنقاذ ما في كتاب القاضي إن كان فيه أني قضيت لفلان على فلان, وإن لم يكن في الكتاب الفراغ من الحكم؛ فعلى المكتوب إليه أن يتم الحكم, ولا يستأنفه حكم بما ثبت عنده للحكم؛ فلا.
قلت: مسألة النزاع بين المازري ومنازعه مبنية على تحقيق أمرين: أحدهما: أن فاعل ثبت في كتب القاضي لقاض آخر بلفظ ثبت كذا عندي هل هي بمنزلة المقضي به عنده أم لا؟ والحق أنه يختلف فيه على قولين: الأول: أنه ليس كالمقتضي به, وظاهر قول ابن رشد حيث قال فيما قدمناه عنه في مسألة تسمية القاضي في كتابه: من شهد عنده ما نصه؛ لأن كتاب القاضي إلى القاضي بما ثبت عنده على رجل في بلد المكتوب إليه ليس بحكم على غائب, والثاني: أنه كالمقتضي به, وهو ظاهر فهم ابن رشد المذهب حيث قال: إن كتب بثبوت شهادة البينة فقط؛ لم يأمر بإعادة شهادتهم, وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم إلى آخر كلامه المتقدم, ولفظ المازري الذي نقلناه عنه من شرح التلقين نص في أنه مختلف فيه بين العلماء, ولم يصرح فيه عن المذهب بشيء, ونقل الشيخ عن أشهب: يقتضي أنه ليس كالأمر المقتضب به, الأمر الثاني: هو أن مسمى اشترى هل يقتضي ثبوت ملك المشتري مفعول اشترى وهو المشترى أم لا؟ فالمزري ومن ذكر أنه وافقه على فتواه من فقهاء المهدية يقول: إنه لا يقتضي ملكه, وخصمه يقول: يقتضي ملكه, قلت: وهذا هو مقتضى ألفاظ المدونة عندي منها قوله الزكاة الأول: من اشترى بمال حل حوله, ولم يزكه خادماً, فماتت؛ فعليه الزكاة.
وفي الجهاد: ومن اشترى من المغنم أم ولد رجل أو ابتاعها من حربي؛ فعلى سيدها أن يعطيه جميع ثمنها.