إلا في الوكيل المفوض إليه؛ وهذا المال لم يدفع إليه، ولم يخرج من يد ربه إلى يد ملتقطه؛ ولذا أجاز له دفع اللقطة لمن يتولى تعريفها، ولا يجوز ذلك للمودع ولا للوكيل.
قلت: هذا الذي رجح به كون قول ابن الماجشون: خلافا الأظهر إنتاجه أنه وفاق؛ لأنه هو مقتضي المذهب، فإذا كان قول ابن الماجشون ملزوما لمقتضي المذهب، فيجب كونه تفسيرا للمذهب أو لمشهوره لا خلافا له فإن قلت: قولكم أنه أتى بما يقتضي أن قول ابن الماجشون هو مقتضي المذهب ليس كذلك، وبيانه أنه قرر أن قاعدة المذهب صدق القضية القائلة: من دفع لغير من دفع إليهلغير بينة؛ ضمن، فيصدق مفهومها المخالف؛ وهو من دفع لغيربينة لا لغير من دفع له؛ لم يضمن، وعندنا قضية صادقة؛ وهي الملتقط الدافع دفع لا غير من دفع له، وهذه القضية هي التي احتج عليها بقوله: بأن هذا المال لم تدفع له؛ ولذا جاز للملتقط دفع اللقطة لمن يعرفها، ثم نقول: الملتقط الدافع دفع بغير بينة لا لغير من دفع له، وكل من دفع لغير بينة لا لغيلا من دفع له؛ لم يضمن، وهذا المفهوم المخالف ينتج الملتقط الدافع بغير بينة لا يضمن، وهذا خلاف قول ابن الماجشون وهو مدعي.
الشيخ: أجيب بوجهين: الأول: منع صدق القضية للملتقط الدافع بغير بينة لا لغير دفع له، وبيانه بصدق منافيها؛ وهو قولنا: الملتقط المذكور دفع بغير بينة لغير من دفع له لا من دفع له الملتقط المذكور يصدق عليه أنه غير من دفع له، وإلا لصدق عليه نقيضه، وهو من دفع له، وذه كاذبة ضرورة، فلزم أن يصدق عليه أنه غير من دفع إليه، فثبت صدق منافيها؛ لتكون القضية المذكورة، فلا تصدق النتيجة المذكورة، فيثبت نقيضها؛ وهو أنه كلما كان حكم من قبضها من ربها، كان دفعه إياها بعد السنة كمن دفع شيئا قبضه من ربه، والملازمة واضحة، فجعل اللقطة بعد السنة؛ كدفع ما قبض من ربه وهو المدعي.
ابن رشد في أول سماع ابن القاسم: إن وجدها ربها بعد ملتقطها، وقد نقصها