قال أبو حنيفة والشافعي، فذكر ما تقدم، وقال: هو أبين للحديث والقياس، فذكر الحديث من الصحيحين قال: فلو كانت لغيرها؛ لم يكن للحديث معنى، وأما القياس؛ فلأن غالب من حج عدم رجوعه لمكة في عامه؛ بل بعد عشر سنين، فلم يكن مرور السنة دليلًا على الإياس من ربها، وتبع ابن عبد السلام ابن زرقون في عزوه ما للباجي واللخمي وابن رشد.

وزاد ابن العربي: ويرد عزوه ذلك لابن العربي بما رد العزو للخمي؛ لأن لفظه في القبس: قال مالك: لقطة مكة كسائر اللقط، ويتكلم علماؤنا والاحتجاج له، والانفصال عن الحديث، ولا أرى مخالفة الحديث، ولا تأويل ما لا يقبل.

قلت: والانفصال عن التمسك بالحديث على قاعدة مالك في تقديمه العمل على الحديث الصحيح حسبما ذكره الصقلي في كتاب الأقضية، ودل عليه استقراء المذهب واضح ولقطة ما لا يبقى من الطعام يسيرًا فيها أحب إلي أن يتصدق به، فإن تصدق به أو أكله؛ لم يضمنه.

ابن رشد: لقوله صلى الله عليه وسلم: وقد مر بتمرة في الطريق لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها.

قلت: وكذا ذكره اللخمي، ولفظ الحديث خلاف ما ذكراه.

روى البخاري عن أنس بن مالك: قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال: "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها".

وفي المقدمات: ما قل، وله قدر ومنفعة، وشح ربه، ويطلبه يعرف اتفاقًا، وفي تعريفه سنة أو أيامًا قولان لظاهر روايتهما، وسماع عيسى ابن وهب مع رأي ابن القاسم فيها.

وسمع ابن القاسم: لقطة مثل المخلاة والحبل والدل، وشبه ذلك إن وجد بطريق وضع بأقرب موضع إليه، وإن كان بمدينة انتفع، وعرف به، والصدقة به أحب إلي، فإن جاء ربه؛ فهو على حقه، فذكر ابن رشد ما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015