صار كدليلين متنافين تعارضا، وأمكن الجمع بينهما فيجب حسبما تقرر في أصول الفقه فجمع بينهما إنما أنتج حقيقة شرعية يمكن القصد إليها، وهي حقيقة التدبير فأعمل الأول في حكم لزومه دون حكم كونه من رأس المال، وأعمل الثاني في حكم كونه من الثلث، لا في حكم جواز الرجوع عنه ويمنع إعمال الأول في لزومه مع إعمال الثاني في جواز الرجوع عنه لتناقضهما، وكذا إعمال الأول في حكم كونه من رأس المال مع إعمال الثاني في حكم كونه من الثلث لتناقضهما، ومع إعمال الثاني في حكم جواز الرجوع عنه لصدق منافيه، وهو كل ما هو من رأس المال لا يجوز الرجوع عنه فانحصر إعمالها فيما ذكرناه.

وفي أول المدبر ما يشهد لهذا قال فيه: إن قال: أنت حر بعد موتي وموت فلان، فهو من الثلث وكأنه قال: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي، وإن مت أنا فأنت حر بعد موته.

سحنون: وقال أشهب.

قلت: قول سحنون: وقاله أشهب، يدل على أنه لا رجوع له فيه، وإلا كان مناقضاً لقول أشهب يدل على أنه لا رجوع فيه، وإلا كان مناقضاً لأصل أشهب فتأمله.

وكذا قال الصقلي: يريد: ولا رجوع له فيه لذكر الأجنبي كعتق لأجل.

وقال التونسي: كأنه جعله كالتدبير لا رجوع له فيه وتقريره بقوله: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي يشبه كونه كالتدبير كقوله: إن دخلت الدار فأنت حر بعد موتي بشهير فيكون له الرجوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015