عنهم، فإن خرج بعضهم إلى سفر سكن الذين يلونهم، فإن جاء أحد من الأدنين لم يخرج منه كما لم يدخل عليه، وذلك شأن الحبس.
ابن رشد: معناه: إن خرج لسفر بعيد يشبه الانقطاع، أو يريد المقام في الوضع الذي سافر إليه، ولو سافر ليعود فهو على حقه، وهو نص مالك في رسم البز، وتفسير ابن القاسم في المدونة قول المالك، وفي رواية مالك: على إن غاب، ولم يزد ما قاله ابن القاسم، وهو وفاق له، والخلاف في المسألة إنما يمكن فيما تحمل عليه غيبته، فظاهر رواية علي على الانقطاع والمقام حتى يتبين خلافه.
قال ابن رشد في رسم البز: وهذا في السكني، وأما فضل الكراء وغلات الثمر، وغيرها فحق من غاب باق لا يسقط.
قال ابن الحاجب: ولا يخرج الساكن لغيره، وإن كان غنياً.
ابن عبد السلام: لما تكلم على حكم المساواة والترجيح قبل السكني تحدث على ما إذا سكن أحدهم لموجب الفقر، ثم استغنى، فإن ذلك الحكم لا يرتفع بارتفاع سببه، وهو الفقر ولعل ذلك؛ لأن عودته لا تؤمن، وغلا فالأصل أن يخرج، وهذا في الوقف على غير معين.
قلت: في لفظه، ولفظ ابن الحاجب إجمال؛ لأن ظاهر لفظهما سواء كان الحبس على عقب وتحوه أو على الفقراء فسكن بعضهم لا تصافه بالفقر، ثم استغنى أنه لا يخرج لغيره، وليس الأمر كذلك.
قال ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم: من استحق مسكناً من حبس هو على الفقراء لفقره أخرج منه إن استغنى.
وفي رسم لم يدرك من سماع عيسى ابن القاسم: من استحق مسكناً من حبس هو على العقب وهو غني؛ لانقطاع غيبة المحتاج، ثم قدم، فإنه لا يخرج له؛ لأنه لم يدخل عليه ولكنه سكن بها حيث لم يكن أحد أولى بها منه، وروى الباجي لو سافر مستحق سكني لبعض ما يعرض للناس كان له كراء مسكنه إلى أن يعود، ولو انتقل إليه أحد من أهل الحبس رد لمنزلته، وأخرج من دخل فيه، وقسم ما على غير منحصر بالاجتهاد