كان بالبعد لم يعترض، وإن كان بالقرب نظر فيه الإمام.
قُلتُ: ما اختاره هو ما تقدم من نقل ابن رُشْد عن المذهب، وقواعد المذهب واضحة به.
فإن قلت: ظاهر لفظ التهذيب في التجارة بأرض الحرب خلاف هذا؛ لان فيه ما نصه، وأما من حفرها في ارضه، فإن أراد بها الصدقة فهي كذا، وإن أراد أن ينتفع هو بها فله منعها وبيع مائها بخلاف ما حفر في الفيافي فلو كان ما قصد به الملك مما حفر في الفيافي ملكاً له لم يكن بخلافها.
قُلتُ: لفظ أبي سعيد هذا يجب تعقبه لإيهامه بما ذكر، ولفظ المدونة بخلافه، ونصه سمعت مالكاً يقول: لا تباع بئر الماشية، وإن حفرت من قرب؛ يريد بقوله: من قرب قرب المنازل، ولا تباع إن كان إنما حفرها للصدقة، فأما من احتفر لغير الصدقة إنما احتفرها لمنفعة في أرضه يبيع ماءها، ويسقي بها ماشيته فلا أرى ببيعها بأسًا، ولو منعته بيع هذه لمنعته أن يبيع بئره التي احتفرها في داره لنفسه.
قُلتُ: فتقسيمه احتفارها للصدقة، ولغير الصدقة كالنص فيما زعم الباجي أنه لم ير فيه نصا ونحوه نقل اللخمي: إن كانت بئر الماشية فيما لا يملك من الأرضين لم يكن له حبس الفضل.
قال ابن القاسم في المجموعة: هذا إن جعلها للصدقة؛ يريد أن له حبسها إن لم ينو به الصدقة كبئر الزرع؛ لأن حفر تلك البقعة إحياء لها، فإن لم ينو الصدقة كانت كغيرها من الأملاك، وكذا بئر الزرع له الفضل إلا أن ينوي به الصدقة.
قُلتُ: هو قولها في التجارة لأرض الحرب، ويجوز بيع فضل ماء بئر الزرع وعينه، وبيع رقابهما وفي حريم البئر لا بأس ببيع بئر الزرع.
وفيها: الشفعة إن لم تقسم الأرض.
وقول اللخمي: صاحب بئر الماشية، والزرع والشفة أحق بمائها يروي ماشيته أو زرعه أو ما جعلها له، ويفترق الجواب في الفضلة، فإن جعلها صدقة أنفذت فيا جعلها فيه، وإن لم يجعله في وجه من الوجوه كان في حبسه عن من احتاج إليه لماشية أو