من عسله، وأرى إن رضي من صار إليه أن يعطي صاحبه قيمته كان ذلك له، والحكم للأول في النحل أقوى من الأبراج؛ لأن تلك إنما تأوي إليها، وهذه تصاد وتملك، ثم تجعل هناك؛ فينبغي أن تجري على حكم المربوب.
قلت: وتقدم شيء من هذا في كتاب الصيد حيث ذكره اللخمي.
الباجي: والحيوان الذي لا تستطاع حراسته كالنحل يضر شجر القوم، وفرخ الحمام والعصافير تضر بالزرع والدجاج الطائرة والأوز وشبهها.
قال مطرف: يمنع من اتخاذها؛ لأن هذا طائر لا يستطاع الاحتراز منه كما يستطاع في الماشية.
وقد قال مالك في الدابة الضارية: تعرب وتباع، وهذا أشد، واختاره ابن حبيب.
وقال أصبغ وابن القاسم: النحل والحمام والدجاج كالماشية لا يمنع من اتخاذها، وإن أضرت وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم، ومثله لابن كنانة، وقال: وما أحب أن يؤذي أحد.
قلت: كثيرا ما تقع هذه النازلة، والصواب أن يحكم فيها بقول مطرف وابن حبيب: وإن كان خلاف قول ابن القاسم؛ لأن منع أرباب الحيوان أخف ضررا من ضرر أرباب الزرع والثمار؛ لأنهم لا يتأتى لهم حفظها، ولا نقل زروعهم ولا أشجارهم، وأرباب الحيوان يمكنهم قص دجاجهم وإوزهم والاستغناء عن عصافيرهم، ونقل أجباحهم، وإذا عرض ضرران ارتكب أخفهما، وبعضهم يذكره أثرا، وبعضهم يذكره حديثا، وبعضهم يذكره حكما مجمعا عليه.
عبد الحق: ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حريم البئر المحدثة خمس وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا، وحريم الزرع ثلثمائة ذراع، وحريم العين السيح ستمائة ذراع هذا الحديث يروي مسندا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي مرسلا كما تقدم والمرسل أشبه ذكر