آذاني، فقال له برد: إن المسجد ليس لنا إنما هو للناس، فسمع ذلك عمر فأخذ نعليه وتنحى.
ابن رشد: أمر سعيد بطرد القارئ عنه، يريد: من جواره لا من المسجد جملة، ولم ينتبه لمكانه من الخلافة لجزالته وقوته في الحق، وقلة مبالاته بالأئمة، ولا أنف عمر بن عبد العزيز من قوله وفضله وانقياده للحق.
قلت: انظر هذا مع قول مالك: كان الناس في الزمن الأول يتواعدون لقيامهم لأسفارهم بقيام القراء بالمسجد بالأسحار تسمع أصواتهم من كل منزل استدل به ابن عتاب على رفع الصوت بالذكر في المساجد، وقاله ابن رشد.
واستدل بعض الشيوخ بهذه الحكاية على أن الأصوات من الضرر الذي يجب الحكم على الجار بقطعه عن جاره كالحدادين والكمادين والندافين وشبه ذلك، وليس بدليل بين؛ لأن ما يفعله الرجل في داره مما يتأذى به جاره بخلاف ما يفعله في المسجد من رفع صوته لتساوي الناس في المسجد، ولو رفع رجل في داره صوته بالقراءة لما وجب لجاره منعه، والرواية منصوصة في أنه ليس للرجل منع جاره الحداد من ضرب الحديد في داره، وإن أضر به.
قلت: وما في رسم المكاتب من سماع عيسى من الأقضية: رأيت لابن دحون قال: لم يختلف في الكماد والطحان أنهما لا يمنعان، وإن كان محدثا يضر بأسماع الجيران، فإن أضر بالبناء منع.
المتيطي في ثمانية: أبي زيد عن مطرف: سألت مالكا عن الحداد جار الرجل فيعمل في بيته، وليس بينهما إلا حائط يضرب الحديد الليل والنهار فيؤذي جاره فيقول: لا أقدر أن أنام فهل يمنع من ذلك؟
قال: لا، هذا رجل يعمل لمعاشه لا يريد بذلك الضرر لا يمنع.
وقال ابن عتاب: تنازع الشيوخ ببلدنا قديما وحديثا فيمن يجعل بداره رحى، وشبهها مما له دوي أو صوت يضر به جاره كالحداد وشبهه.
فقال بعضهم: يمنع إذا عمل به بالليل والنهار، وقال طائفة: لا يمنع، وقال