قُلتُ: يرد بتباين القياس الدال بذاته على سقوط القياس الفرق المذكور، وهو أن تقول علة ضمان الطعام انفراد حامله به عن ربه، فإن فارقه ربه على عدم عوده ثبت انفراد حامله به فوجب انتقاله على عدم ضمانه أليه عملا بعلية الحادثة قياسًا على حامل العرض الحادثة عله ضمانه على عدمه، ومن أنصف، وتذكر قواعد الأسئلة الواردة على الأقيسه علم أن كون حامل الطعام غير متسبب، وحامل العرض متسببًا لا أثر له فى القدح فى القياس المذكور لخروجه عن علة القياس المذكور، وعن مانع حكمه، ولذا قبله الصقلى.
والأظهر عندى جرى الضمان فى هذا الفرع على قولى محمد وابن كنانة فى ضمان حامل الطعام بالبلد بناء على اعتبار مطلق غبية ربه، ودلالة مفارقته بغير صحبته على ائتمانه كدلاله ترك صحبته بالبلد على ذلك.
قال اللخمى: وأرى أن يضمن القمح والشعير والقطانى وشبه ذلك، وإن صحبه ربه إذا نقص؛ لأنه علم منهم السرقة، ولو كان معه ربه، وإن ادعى ذهاب جمعيه، وربه معه صدق وليس العاده جحود جمعيه ولا الهروب إن كان الحمال واحدًا، وإن كانوا عددًا فتأخر بعضهم لم يصدق أنه غصب منه، وعهد من الجماعة تأخر أحدهم تعمدًا ليذهب به، وإن صحبه ربه فى البحر فنقص بعضه صدق عند مالك.
وفى كتاب أكرية السفن: لا يصدق قال: لأنه حازه، وإنما يدخل التاجر وقت إقلاعه وهو أحسن؛ لأن الطعام والزيت وشبهه يوسق، ويغيب عنه ربه إلى ليلة المبيت، وعهد منهم الخيانة فيه، وكذا لو لم يفارقه ربه من حين وسقه؛ فإنهم يخونون فيه بالليل وبعد الوصول وقبل التفريغ.
وضمانه فى دعوى تلفه بعد وصوله لغزمه فى موضع وصوله، واختلف إن ادعى ضياعه ببعض الطريق، وعلم كليه هل يغرم المثل الآن أو بعد وصوله كان تلفه مجهولا أو معلوما بعثار أو ضعف أحبل أو باستهلاكه، وأرى إن تنازعا فى موضع هلاكه غرم مثله فيه، وإن تحاكما فى موضع وصوله غرمه فيه؛ لأنه دخل على توصيله، ولأن فى الصبر حتى يعود إلى الموضع غررا، والظالم أحق أن يحمل عليه، وهذا إن هلك من عثار