وهذا إنما يحصل إذا هلك بسبب فعله أما بغيره فلا، ولا اتفق المذهب فى المبيع بتدليس إن هلك بسبب التدليس ضمنه بائعه، وإلا فلا قال وقوله: إن استأجر ثورًا فلما ربطه فى المطحنه كسرها لم يضمن ربه إلا يكون علم ذلك وكتمه فظاهره أنه ضمنه بالقول؛ لأنه المكترى هو متولى ربطه.
وقال أبو إبراهيم: قوله: فكسر المطحنه هكذا فى أكثر الروايات، وفى بعضها ربطته، ويقوم منه بالضمان بالغرور بالقول، ومثله فى التدليس بالعيب، وخلاف فى كتاب الاستحقاق، وانظر فى النكاح الأول، وفى باب الأمه الغاره، وفى الثانى مسأله الأختين.
قُلتُ: القول إن تضمن عتقداً كان غروراً بالفعل لا بالقول، ومن تأمل وأنصف فهمه من قولها: ومن قال لرجل فلانة حرة، ثم زوجها منه غيره فلا رجوع للزوج على المخبر، ولو علم أنها أمة، وإن وليه عالًما رجع عليه بالصداق، وهذا يرد قول التونسى فى مكرى الدابة العثور: إن أسلمها مكريها وهو عالم بعثارها لمكتريها فحمل عليها، فهو غرور بالقول يختلف فيه، وإن أسلم المتاع ربه لرب الدابة فحمله عليها ضمن الحمال لتعديه.
وفيها: وإن سألت خياطًا قيس ثوب فزعم أنه يقطع قميصًا؛ فاتبعته بقوله: فلم يقطعه فلا شئ عليه، ولا على بائعه، وكذا الصبر فى يقول فى درهم تريه إياه جيد فيلفى رديئًا فإن غرا من أنفسهما عوقبا.
الصقلى: فى العتبيًة لابن القاسم: من غر من نفسه عوقب، ولا أجر له، وإن غر من جهل، فقال مالك مرة: لا يضمن، ولا أجر له، وقال مرة: يضمن، وله أجره.
قال سَحنون: وهى أصح من قوله إن غر أدب ولاشئ.
ابن دينا: من استؤجر؛ لأنتقاد مال، فإن كان بصيرًا فلا شئ عليه فى خطأ به فيما يختلف فى مثله، وإن أخطأ فيما لايختلف فى مثله لبيان فساده ضمنه لتقصيره، ولو كان جاهلًا، ومن استأجر يعلم جهله فلا شئ عليه، ولو جهل جهله وغره بأنه عارف ضمن ما لا يختلف فى فساده، ولم يضمن ما يختلف فيه، ولكل منها أجره.