قُلتُ: قال غير واحد قول اللخمي بطرح الآدمي لنجاة غيره بالقرعة غريب، وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع.

قال بعضهم: لا يرمى آدمي لنجاة الباقين، ولو كان ذمياً، وتقدم البحث في هذا الأصل في مسألة التتريس في كتاب الجهاد، وما قاله اللخمي قاعدة الإجماع على وجوب ارتكاب أخف الضررين لدرء أشهدهما شاهده لقوله، وهي هنا، وإن كانت في إتلاف النفس، وهي فيه لحفظها.

قال القرافي عن الطرطوشي: ويبدأ بطرح الأمتعة، ثم البهائم لشرف النفوس.

قُلتُ: الشرف إنما هو النفوس الآدمية، وظاهر الروايات اعتبار الثقل، وقلة الثمن.

قال الطرطوشي: وهذا الطرح عند الحاجة واجب لا يدخله الخلاف في دفع الداخل على الإنسان لطلب نفسه أو ماله، ولا في المضطر لأكل الميتة قيل الدفع والأكل واجبان وقيل: لا لقصة ابني آدم وقوله صلى الله عليه وسلم ((كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل)) والفرق أن الترك في هاتين الصورتين لترك محرم، وهنا لبقاء المال.

قلت: قوله: (في هذه الصورة لبقاء المال) وهمٌ؛ لأن الطرح أو طرح النفوس دون الأموال موجبة لهلاك المال، والفرق جلي بغير ما ذكر، وهو أن ترك الرمي ملزوم للرمي، وترك قتل الغير ليس ملزوما له، وكذا ترك أكل الميتة ليس ملزوما لأكلها.

القرافي وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يضمن أحد من أهل السفينة إلا من طرح مال غيره، ومن طرح مال نفسه فهو منه، ولو استدعى منه ذلك غيره، ووافقونا فيمن قال: اقض عني ديني فقضاه، فقضاه، وفي رجوع الزوجة على زوجها بنفقتها في غيبته على ولده، والرد عليهم بالقياس على هذه الصورة لجامع السعي في القيام على الغير بواجب؛ لأنهم أجمعين يجب عليهم حفاظ نفوسهم وأموالهم.

وسمع ابن القاسم: لا شيء في المركب، ولا خدمة مما طرح لخوف غرقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015