أبي أبي الفقيه الشهير أبي القاسم ابن البراء، وكان هذا بدويرة جامع الزيتونة، وعكس هذا أخبرني بعض أشياخي أن بعض الفضلاء نسخ بيده بعض كتب الأدب فوجد فيه مواضع غير مكتتبة فبحث عنها فوجدت أنها ألفاظ فاحشة، وفيها: أكان مالك يعرف الدفاف في الأعراس ويجيز الإجازة فيه.
قال: كرهها والمعازف.
عياض: ظاهره أنه راجع للإجارة وهو أشبه؛ لأنه عين عمل الصالحين والإجارة في هذا مكروهة، وعلى الإجارة اختصرها أكثرهم وإن كان ضرب الدف جائز مما جاء في العرس، فليست الإجارة مثله إذ ليس كل مباح تجوز الإجارة عليه، والإجارة على الأذان والصلاة والقسم تقدمت في مواضعها، وفيها: من قتل رجلاً ظلماً بأجر فلا أجر له وحكم القصاص والأدب في الجراح، وفيها: لا يصلح أن يبني مسجداً ليكريه ممن يصلي فيه ولا بيته وإجارتهما لذلك غير جائزة، وأجازة غيره في البيت.
عياض: لأنه يسبب من مكارم الأخلاق.
اللخمي: من بني مسجداً ليكريه؛ جاز.
قلت: اقتصاره على هذا دون ذكر قولها أنه لا يجوز غير صواب وإن وافق مفهوم نقل الصقلي عن سحنون إنما لم يجز كراء المسجد؛ لأنه حبس لا يباع ولا يكرى والبيت ليس مثله كراؤه جائز.
اللخمي: إن أكرى بيته أو داره ممن يصلي فيهما في أوقات الصلوات فقط كره؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، فإن نزل مضى وإن أخلا البيت وسلمه جاز.
قلت: هذا خلاف قوله: (من بني مسجداً ليكريه جاز) إلا أن يريد: ليكريه لغير الصلاة وهو بعيد، ولما ذكر عياض معنى كلام اللخمي قال: فعلى هذا يحتمل كون قول الغير وفاقاً بأن تكلم على وجه وتكلم ابن القاسم على آخر أو تكلم على الفعل ابتداء والغير عليه بعد الوقوع، وسقط قوله في رواية يحيي فيها اكتراء الدار؛ لأن يتخذها مسجداً عشر سنين جائز، ولم أسمعه من مالك ونقضها لمن بناها مسجداً عياض أشار حمديس إلى أن قوله في الدور خلاف قوله: في البيت ولا فرق بينهما.