قلت: يحتمل كون قول الليث وفاقا، لأن قوله: قراض المسلمين النصف، يقتضي كونه عرفا تقرر، فدعوى كل منهما خلافه غير مشبهة، وما ذكره عن ابن حبيب من أن القول قول ربه إن أشبه ولم يشبه قول العامل به فسر الباجي المذهب غير معزو لابن حبيب، وإن دفع المال على الثلثين ولم يدع أحدهما أنه بين الثلثين لمن هما له، ففي الموزاية: من أشبه منهما أن له الثلثين فهما له، فإن أشبهها معا كانا للعامل.
التونسي: إن ادعى كل منهما على صاحبه أنه فهم عنه أن له الثلثين فكتصريح الدعاوي القول قول العامل إن أِبه، وإن قال كل منهما: لم أفهم عن صاحبي شيئا وظننت أني المعني بالثلثين فكل منهما سلم الثلث لصاحبه، وبقى ثلث يقسم بينهما نصفين كشئ يشكان فيه لا مزية لأحدهما فيه، وعلى تأويل محمد لما تكافت دعواهما جعله لحائزه وهو العامل، كقول أِهب في مال بين رجلين أدعى أحدهما نصفه والآخر ثلثيه أنه يقسم بينهما نصفين، لأن أيديهما معًا على المال وكان السدس الذي ادعاه مدعي الثلثين لا يد له عليه ويد مدعي النصف يده عليه.
قلت: مسألة القراض لا تشبه مسألة أِهب لاختصاص العامل بالحوز حسًا، بخلاف المبتداعيين في مسألة أشهب.
الباجي: إن قالا: الربح على الثلث والثلثين ولم يسميا في العقد لمن الثلث، ثم أراد كل منهما عند المقاسمة أن له الثلثين فإن أشبه أن يكون للعامل أو لكل منهما، فقال محمد: للعامل الثلث، وقال بعض متأخري المغاربة: القول قول العامل مع يمينه إن ادعى أنه نوى ذلك، وإن أِبه قول رب المال وحده فعلى القول الأول له الثلثان دون يمين، وعلى القول الثاني القول قوله بيمين إن ادعى النية، وإن لم يشبه قول واحد منهما قعلى القول الأول يردان لقراض المثلي دون يمين، وعلى الثاني يردان إليه بعد أيمانهما، والنية عندي غير مؤثرة فى هذه المسألة، والأظهر عندى أن يردا في كل وجوهها لقراض المثل، وعلى القول الثاني يردان إليه كالقراض المبهم، ولا معنى لاستحلاف أحدهما، لأن الثاني لا ينكر ما يدعيه ولا يستحق بما يدعيه من النية شيئا، ولو صدقه صاحبه فيما يدعيه من ذلك لم ينفعه.