ابن رشد: عن بعض أهل النظر: قول سحنون جيد؛ لأن ربحه ليس في ذمة العامل إنما هو في المال بعينه فلا يجوز أن يعطيه من غيره إلا كما قال سحنون: وإلا كان ذهبًا بذهب غائبة، وهو تعليل حسن إن أعطاه الربح من ماله على وجه الاشتراء منه للربح الذي في يده، وقول مالك جيد إذا كان إنما أعطاه الربح من ماله على وجه السلف حتى يقبضه من الربح، فلو نص على أنه سلف جاز، والخلاف إنما هو فيما يحمل عليه الأمر عند الإطلاق، فحمله مالك على السلف فأجازه وسحنون على البيع فمنعه.
قُلتُ: قوله هو الجاري على المشهور في العقد المحتمل للصحة والفساد، وفي صرفها ولو ادعته مائتي درهم، ثم لقيته والدراهم في بيته فهضمت عنه مائة على أن أعطاك مائة من غير المائتين لم يجز، إنما يجوز أن تأخذ منه مائة وتدع له مائة، قال بعض الفاسيين قصد بيان الوجه المشكل: ولو أخذ منه مائتين كان أقوى في المنع؛ لأنها مناقلة فاسدة.
قُلتُ: الأظهر في أخذه منه مائتين أنه يجري على قول مالك، وسحنون في مسألة القراض، وسمع ابن القاسم: إن أذن رب المال للعامل في أخذ ربحه فلا يأخذ شيئًا حتى يقتسما.
ابن رشد: كرهه؛ لأنه راجع إلى إعطائه حظه قراضًا على خلطه بالأول، وقد يكون المال لم ينض فصار كإعطاء مال ثان بعد شغل الأول على خلطه به، أو نض بوضيعة فصار كإعطاء مال ثان بعد نضوض الأول بخسارة على خلطه به.
قال فضل: إن وقع فالأول على حاله وفي الثاني أجر مثله، ولو تحقق نضوض الأول دون نقص لجاز كدفع مال بعد مال، ولهذه العلة منع مالك في الموطأ قسم الربح دون حضور رأس المال ونضوضه، وسمع عيسى ابن القاسم: إن باع عامل بعشرة دنانير تنقص خروبة سلعة اشتراها بها بعشرة دنانير قائمة فأراد من له الدنانير أخذها، ويعطيه قدر منابه دنانير لم يصلح؛ لأنه ذهب بذهبٍ متفاضلًا.
ابن رشد: لأن ربحه لم يتعين في الدنانير القائمة ولا شرك له فيها مع رب المال إذ لا ربح له إلا بعد نضوض رأس المال دنانير ناقصة خروبة، ولا يحصل إلا بعد بيع