ابن رُشْد: لا يجوز للعامل أن يكاتب؛ لأن الكتابة ليست من التجر لقولها: لا يجوز للعبد المأذون كتابة عبده، وفي الموازيَّة: لرب المال رد كتابة العامل ولو بعد الأداء والمأخوذ منه غلة، ابن ميسر إلا أن يكون أداها عنه أجنبي فأعتقه العامل فينفذ إن لم يحاب، ولو علم رب المال بذلك فسكت ولم ينكر لزمه، وإن أخذه على أن يخرج به لبلد يشتري منه تجارة فلا خير فيه.
قال مالك: يعطيه المال ويقوده كالبعير، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من قارض رجلاً على أن يخرج إلى البحيرة أو الفيوم يشتري به طعاماً لا بأس به، قيل: فلو كان لمكان بعيد برقة أو إفريقيَّة قال: لا بأس به.
ابن رُشْد: هو قول ابن حبيب إن لم يشترطا جلب ما يشتريه إلى هنا أو يسمى سلعاً يشتريها هناك يأتي بها أو يحمل من هنا لهناك سلعاً يبيعها هناك فيكون أجيراً، وكله خلاف قولها: لا يجوز على أن يخرج بالمال لبلد يشتري فيه تجارة؛ لأنه حجر عليه، إلا أن يشتري حتى يبلغه، وروى ابن وَهْب: من قال لرجل: اخرج إلى مالي بموضع كذا فاعمل به قراضاً لا خير فيه لقوله: اخرج وكأنه رآه من وجه المنفعة.
قال: وسئل مالك عن مصري بالمدينة سأل رجلاً أن يعطيه مالاً قراضاً يبتاع به متعاً بالمدية يخرج به لمصر بيعه، ويدفع رأس ماله وحظه من الربح إلى وكيله بالفسطاط فقال: لا بأس بذلك، فروجع في ذلك وقيل له: إنما أعطاه المال على أن يبتاع به ويخرج لمصر ألا تراه شرطاً؟
قال: لا بأس به هي بلده إليها يخرج، وروى ابن أبي أويس مثله، وهذا ليس بخلاف لقولها: وحجة جواز فعل عمر رضي الله عنه المال الذي دفعه أبو موسى لعبد الله وعبيد الله ليبتاعا به متاعاً بالعراق يبيعانه بالمدينة قراضاً بإشارة من أشار إليه بذلك، ومن أعجزه ثمن ما ابتاعه في كراهة أخذه قراضاً ينوي دفعه فيه مطلقاً وإجازته إن لم يشغل قولاً، سَحنون مع ابن القاسم في سماعه وسماعه مع ابن رُشْد عن مالك فيها وابن القاسم في الأسدية: ولو أعلم رب المال ذلك حين أخذه ففيها: لا يجوز؛ لأنه سلف بزيادة جزء الربح.