من الوصايا: لا تنفذ حتى تلد، ورواه ابن أبي أويس، وقاله محمد بن مسلمة.

قال: لأن ما يهلك يهلك من رأس المال، وما يزيد منه يزيد، فيكون الموصى له استوفى وصيته على غير ما ورث الورثة.

وروى ابن نافع في المبسوطة: تنفذ الوصية ويؤخر قسم الإرث حتى تلد، وقاله أشهب في بعض روايات العتبية، ويؤدي الدين ولا ينتظر به الوضع، لا أعرف فيه خلافا إلا ما ذكر من غلط بعض الشيوخ الذي لا يعد خلافا.

قال الباجي: خكم ابن أيمن في ذلك أنه لا يؤدى الدين حتى تضع امرأة المدين حملها، فأنكرته عليه، فقال: هذا مذهبنا، ولم يأت بحجة، والصحيح عدم انتظاره، ولا يدخله اختلاف قول مالك في تنفيذ الوصية قبل وضع الحمل؛ لأن العلة في تأخيرتنفيذ الوصية عند قائله خوف تلف التركة قبل الوضع فيرجع الورثة على الموصى لهم، وقد يكونون معدمين، وهذا منتف في الدين بل يخشى تلف التركة في التوقيف فيبطل حق رب الدين دون منفعة للوارث، وإذا وجب قبل قضاء دين الغائب من المال مع بقاء ذمة المدين إن تلف المال كان في الميت أحرى؛ لأن الميت انقطعت ذمته، ولأن الحمل لا يجب له حق حتى يستهل صارخا، والغائب حقه ثابت، فإذا لم ينتظر الغائب فأحرى الحمل، وقول ابن القاسم فيها مع غيرها: من أثبت حقا على صغير قضى له به، ولم يجعل للصغير وكيل يخاصم عنه، فإذا قضى على الصغير بعد وضعه من غير أن يقام له وكيل فلا معنى لانتظار وضعه حملا.

قلت: على مذهب سحنون في الحكم على الغائب في إقامة وكيل له لا تبقى له بعده حجة حسبما نقله غير واحد عنه، ووجهه قول ابن أيمن نقل غير واحد الإجماع على وقف الحكم على المحكوم عليه بغير إقراره على الإعذار له، والحمل غير محقق كونه وارثا ما دام حملا إجماعا، وكلما كان كذلك كان الحكم بتعجيل قضاء الدين قبل وضعه ملزوما لأحد أمرين: إما الإعذار لنائب عمن لم يثبت حقه بعد، وإما الحكم على غير مقر دون إعذار له، وكلاهما باطل فتأمله، ونقل المتيطي وغيره قول الباجي، وابن رشد وقبلوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015