عياض: قيل: معنى الساحة التي منع مالك قسمها هي أفنية الدور بين بيوت القرى حيث تبرك الإبل وبرتفق جميع أهل القرية، وأما ساحة داخل الدار فتقسم كالبيوت، وكذا قال ابن حبيب، وهذا وفاق قول أشهب: ليس لأحدهم بيع حصته من العرصة فقط إلا ببيع حظه من البيوت، ولو كانت واسعة إلا أن يجتمع ملاؤهم على بيعها فيجوز؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم.
قُلتُ: يريد: أن قول أشهب يدل على أن المنع إانما هو فيها هو كالأفنية لامتناع بيعه، وذكر الصقلي قول أشهب غير مستشهد به بزيادة، فإن أبى أحدهم فهو مردود؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم، وفيه تناف؛ لأن قوله أولاً: إن اجتمع ملؤهم على بيعها فيجوز يقتضي أن امتناع أحدهما لا يضر، وقوله: فإن أبى احدهم فهو مردود خلافه.
وفي الجلاب: إن قسمت الدار وتركت الساحة مرفقاً لأهلها، ثم أراد بعضهم قسمها فقيها روايتان: تقسم ولا تقسم وتترك مرفقاً.
وفيها: إن اقستسموا البناء والساحة رفعوا الطريق ولا يعرض فيها أحدهم لصاحبه، فإن اختلفوا في سعة الطريق جعلت بقدر دخول الحمولة ودخولهم، ولا أعرف عرفاً عرض باب الدار.
قُلتُ: صح في البخاري وغيره عن عكرمه قال: سمعت أبا هريرة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تشاحوا في الطريق بسبعة أذرع"
وفيها: إن لم يطر لأحدهم من الساحة ما ينتفع به إلا في مدخله ومخرجه لا في مربط دابة وغيره لم تقسم بينهم وتركت؛ لانتفاعهم، وللأقل نصيباً من النفع بالساحة ما للأكثر نصيباً سكن معهم أو لم يسكن، ولهم منع من يبني في الساحة منهم، وكل منهم واحد أولى بها بين يدي بيته منها، وإن أراد بعضهم أن يطرح بين يدي باب غيره العلف والحط لم يكن له ذلك، إن كان في الدار سعة عن ذلك، وإن احتاج إلى طرح