قُلتُ: وحاصل مسائل التعدي الانتفاع بمال الغير دون حق فيه خطؤه كعمده، أو التصرف فيه بغير إذنه ولا إذن قاضي أو من يقوم مقامه لفقدهما، فيدخل تعدي المقارض وسائر الأجراء والأجانب.

ابن الحاجب: فإن غصب السكنى فانهدمت الدار لم يضمن إلا قيمة السكنى.

ابن عبد السلام: معناه: أنه غير غاصب للذات؛ لأنه لم يقصد ملك رقبتها فهو متعدٍ، وقد علم الفرق في المذهب بين المتعدي والغاصب وهو حسن لو طردوه، ولكنهم جعلوا المتعدي على الدابة في الكراء والعارية ضامناً للرقبة. فإن قلت: المتعدي على الدابة ناقل لها وفي الدار غير ناقل لها.

قُلتُ: أسقط أهل المذهب وصف النقل في المعصوب عن درجة الاعتبار في ضمان الغاصب، وكذا ينبغي في التعدي.

قُلتُ: ظاهر لفظ ابن الحاجب وشارحه أنه لا يضمن الدار ولا شيئاً منها، سكن جميعها أو بعضها، وهو خلاف نقل ابن شاس عن المذهب.

قال: لو غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكناه لم يضمن، ولو انهدم مسكنه لضمن قيمته، والتحقيق في ذلك إجراء المسألة على حكم هلاك المتعدي فيه مدة التعدي، بأمر سماوي، ولا سبب فيه للمتعدي، وتقدم تحصيله في العارية، فنقل ابن الحاجب بناءً على لغو ضمانه بذلك، ونقل ابن شاس بناءً على ضمانه بذلك فتأمله، وبهذا يتبين لك ضعف مناقضة ابن عبد السلام بين مسألة التعدي بالسكنى ومسألة التعدي بالركوب؛ لأن الهلاك في زمن التعدي بالركوب لا يعلم كونه بغير سبب المتعدي بحال، والهدم يعلم كونه لا بسببه، وقياسه في آخر كلامه التعدي على الغصب واضح رده بما فرق به أهل المذهب بين التعدي والغصب، من ذلك اعتبار لازمي ذاتيهما لازم ذات الغصب قصد تملك الرقبة، فلم يفتقر معه في الضمان إلي نقل، ولازم ذات التعدي البراءة من قصد تملك الذات، فناسب وقف ضمانها على التصرف فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015