عياض: حمل الأكثر قول أشهب على الخلاف، وتأول حمديسً قولها على أنه فيما تطاول، وإن الذي يجيء على أصله في القرب أن يضمن، وكذا ضمنه في الموازية.

قُلتُ: فعلى عد التأويل قولاً وهو فعل ابن رُشْد الأقوال خمسة الثلاثة واختيار اللخمي، وتأويل حمديس.

وفيها: من دفعت له مالا ليدفعه لرجل فقال: دفعته له فأكذبه، لم يبرأ إلا بينة، ولو قبضه بغير بينة، ولو شرط دفعة بغير بينة لم يضمن ولو لم تقم له بينة.

عبد الحق: ولو شرط أن لا يمين عليه لم ينفعه؛ لأن اليمين إنما ينظر فيها حين تعلقها فكأنه شرط إسقاط أمر لم يكن بعد بخلاف ترك الإشهاد.

قُلتُ: انظر هذا مع القول بالوفاء بشرط دعوى التصديق في دعوى عدم القضاء.

وفيها: أليس قد قال مالك: من بعث رجلاً بمال أمره بدفعه لفلان، فدفعه له غيره بينة وصدقة فلان أنه لا ضمان عليه، قال: نعم.

عياض: اختلف في تأويلها فقال ابن لبابة وغيره: معناه أنه يبرأ بتصديق المبعوث إليه قبضها من حق أو وديعة، وعليه اختصارها أكثرهم وهو بين في الواضحة بين.

وقال حمديس: إنما يجب أن يكون على أصله فيما أقر به المبعوث إليه من حقوقه أو وديعة قائمة بيده، وإن ادعى تلفها أو انكر قبضها، فلا يبرأ الرسول إلا ببينة على الدفع، وقاله جماعة من الأندلسين.

قُلتُ: وتقدم كلام ابن رُشْد في هذا في الوكالة فتذكره.

وخلط الوديعة بمثلها مكيلاً أو موزوناً أو بغيره متيسراً ميزه مغتفرً، وبغيرها يوجب ضمانه.

وفيها: من خلط وديعة حنطة بمثلها على وجه الأحراز والدفع فهلك الجميع لم يضمن، وإن كانت مختلفة ضمن.

ومن خلط دنانير وديعة عنده أو دراهم بمثلها فضاع بعضها لم يضمنه وما بقى بين مالكيها؛ لأن دراهم أحدهم لا تعرف من دراهم الآخر، ولو عرفت بعينها كانت دراهم كل واحد منهما منه؛ لأنها لا يغيرها الخلط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015