حاجة بالمدينة فبعث بها مع من يثق به لمصر: لا يضمنها.
سَحنون: قُلتُ لابن القاسم: ما تقول فيها؟
قال: إن كانت إقامته بالمدينة الأيام اليسيرة فبعث بها ضمنها، وإن أراد إطالة الإقامة بالمدينة فأرى أن يبعث بها، واستحسن قول مالك؛ لأنه إن حبسها وأقام بالمدينة الإقامة الطويلة فتلفت رأيته ضامناً.
ابن رُشْد: قول مالك اولاً لا بأس أن يبعث بها مع ما حكى سَحنون عنه لا ضمان عليه دليل على أنه لا ضمان عليه إن أمسكها مع نفسه، وهو نص سماع عيسى ابن القاسم وإنما سقط عنه الضمان إن ادعى الرسول تلفها إن أشهد عليه بالدفع، وسماع عيسى ابن القاسم تفسير لقول مالك، وقول ابن القاسم في رواية سَحنون عنه في الإقامة اليسيرة والطويلة إلي آخر قول ابن القاسم، واستحسن قول مالك ظاهره أنه خلاف قول مالك، ولا ينبغي حمله عليه؛ لأنه لم يتكلم على إقامة الأيام اليسيرة ولا على الإقامة الطويلة، بل على ما بينهما، فإن كانت أياماً يسيرة نحو ما يشتغل المسافر في طريقه وجب ضمانه إن بعثها؛ لأن ربها علم أنه يقيم في طريقه قدر ما يحتاج إليه ودفعها إليه على ذلك، وإن كانت إقامة طويلة ضمن إن أمسكها وهو يجد ثقة يبعثها معه إن تلفت؛ لأن ربها لم يرد تركها بذلك البلد، إنما أراد إيطالها حيث بعث فهو متعد بإمساكها.
والطول سنة فصاعداً على ما في سماع محمد بن خالد، وإن كانت إقامته الشهرين ونحو ذلك لم يضمن أمسكها مع نفسه أو بعث بها مع ثقة على ما قاله مالك لا يخالفه في ذلك ابن القاسم، فلم يرد يقوله: وأنا أقول خلافاً بل بياناً، وتمثيل ابن القاسم المبضع معه لا يجد للبضاعة محملاً فيبضعها من يثق به بالحاضر المودع يخاف على الوديعة من عورة منزله أو عدم من يحفظها فيودعها غيره ليس يتمثيل صحيح، وهو خلاف روايته أول كتاب الوديعة من أنه لم ير السفر كالحضر؛ لأنه إنما دفعها إليه في السفر لتكون معه فالآتي على رواية المدونة ضمانه البضاعة إن دفعها لغيره، وإن لم يجد لها محملا إلا أن يعلم ربها أنه إن لم يجد لها محملا أعطاها من يحملها فلا يضمنها، وإن لم يعلم بذلك