رأى مالك: الهبة في ذلك محتملة فسأله عنها وصدقه فيها، ومرة رآها بغيرة، والأظهر أنه قصد نفع نفسه بر المطلوب ليستعجل سلفه المؤجل، وقيمته إن كان عرضًا ففات، فعلى أنه يسأل عن نيته ابتداء لا يصدق في ذلك، وعلى أنه لا يسأل فيهما عن ذلك يصدق في ذلك مع يمينه، ويأخذ سلفه معجلًا، ولأبي عمر اختلف قول مالك فيمن أسلف رجلًا ليشاركه على وجه الرفق، فروى أبن القاسم: جوازه وكراهته، وأختار أبن القاسم جوازه، وإن كان لبصره بالتجر لم يجز.

ابن الحاجب: ولو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط، وكذلك لو أسلفه أو وهبه.

ابن عبدالسلام: يعني اختلاف نسبة الربح والعمل مع رأس المال، وإنما يفسد الشركة إن كان شرطًا في عقدهما، ولو تبرع به أحدهما بعده جائز، وهو بين في شركة الأموال، لأن المذهب لزومها بالعقد دون الشروع في العمل دون شركة الحرث، كذلك قولا سَحنون وابن القاسم، وعليه يصعب التبرع بها قبل الشروع، وظاهر نصوصهم أنه لا يقدح في صحتها.

قُلتُ: سمع ابن القاسم إن شارك ذو مائة ذا خمسين، ثم دعا ذو المائة ذا الخمسين على أن يسلفه نصف ما فضل به، وكان ذلك على غير شرط عند الشركة، ولا الحاجة من المسلف من أسلفه الآن، إلا رفقًا به فلا بأس به.

ابن رُشْد: هذا كما قال، وإن شرط في سلفة أن يشاركه بذلك لم يجز، وكذا إن شرط بعد عقدها بأن يخرج مائة والآخر خمسين على الثلث والثلثين لم يجز، لأن الشركة من العقود الجائزة التي لا تلزم بالعقد، وإنما يفترق قوله ذلك في العقد أو بعده إن قاله على غير وجه الشرط، كقوله: تعالى أسلفك خمسة وعشرين نضيفها للتي له، وأخرج أنا مثل ذلك، ونشترك بها، أو يقول له ذلك بعد أن عقد معه الشركة على مائة له، وخمسين للآخر أثلاثًا، إلا أنه إن قال له ذلك في العقد ابتداء كان الأظهر منه قصد منفعته فيصدق في ذلك مع يمينه، وإن قال بعد العقد حمل على أنه لم يقصد منفعة نفسه، إذ قد رضى بشركته فأشبه إذا كان المشترط هو الذي سأله لك، ولو قال له ذلك بعد أن عقد الشركة فاشتريا بها عروضًا للتجر على الثلث والثلثين مبلغ رؤوس أموالهما كان بيعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015