الدين أن يحلف الغريم ويسقط عنه حق من نكل وليس لبقية الغرماء إن لم يكن في الدين ... وفاء بحقوقهم أن يأخذوا ما نكل عنه كما لم يكن للورثة إن نكل الغرماء وحلف الورثة أخذ ذلك.
وسمع عيسى ابن القاسم: من مات مدينا بمهر زوجه وغيره وقام له شاهد بوضعها مهرها بصلح مع زوجها حلف غرماؤه واستحقوا حقوقهم فإن أبوا حلف من رضي واستحق حقه.
ابن رشد: هذا صحيح كقول مالك في شاهد الميت: أن الغرماء يحلفون معه، ولابن حبيب عن أصبغ: أن الغرماء لا يحلفون في أمر الميت؛ لأن حلفهم رجم بالغيب، وهو بعيد، وأنكره سحنون، وقال: ليس رجما بالغيب، إنما يحلفون بخبر مخبر، كحلفهم على إثبات دين له، وقوله: حلف من رضي واستحق حقه؛ يريد: وترجع اليمين على المرأة في حق من نكل منهم فتحاص بذلك من حلف، وقيل: يبطل حقها بيمين من حلف؛ لأنه لا يحلف أن ما شهد به الشاهد حق؛ إذ لا تبعض شهادة الشاهد، ويلزم على قياس هذا القول الاكتفاء بيمين احدهم، فيقال لهم: إما أن يحلف واحد منكم مع الشاهد، وإنا أن ترجع اليمين عليهما فيحلف على تكذيبه، وتحاصكم بكل حقها، وظاهر قوله: يحلف الغرماء ويستحقون تبدئتهم على الوراثة، وفيه تفصيل إن فضلت التركة ديونهم بدئ الورثة اتفاقاً إن حلفوا بطل دين المرأة، وإن نكلوا حلف الغرماء واستحقوا حقهم، وحلفت وأخذت في دينها ما فضل عن دين الغرماء، وإن نكل الغرماء معهم حلفت واستحقت دينها وحاصت بجمعية في متروك الميت، وإن لم تفضل التركة الديون ففي تبدئة الورثة على الغرماء وعكسه قولاً ظاهر الموطأ ورواية ابن وهب، واختارها سحنون وتأول قوله في الموطأ فقال: إنما تبدأ الورثة؛ لأن الغرماء لم يحلفوا بعد ما قبضوا دينهم، ولو كانوا مبدئين باليمين، هذا تأويل بعيد والصواب أنه اختلاف قول وهو جار على اختلافهم في تعليل الدين النائب على المتوفى هل هم متعين في تركة الميت أو في ذمته، فمن علله بأنه متعين في ذمة الميت بدأ الورثة، ومن علله بأنه متعين في عين التركة بدأ الغرماء، ووجه هذا الاختلاف في التعليل أن الميت لا يطرأ له مال إلا نادر من رعاه، قال: دينه في ذمته؛ لأنه إن تلف ما ترك وطرأ له ما