قولا بعض الفقهاء محتجاً بأن غيبته مع علمه بالحاجة إلي النفقة عليه كالإذن في ذلك، والصقلي: محتجاً بأنه ليس له أن يعمر ذمته بما لم يأذن له فيه، وحقه بعد بلوغ نفقته ثمنه أن يرفع ذلك للإمام ليبيعه، وقيد الأول بقوله: يريد: إن كان حين النفقة عليه ملياً، وإن كان عديماً نظر الإمام إن كان بيعه خيراً له باعه، ومحتمل المرتهن دينه.
وفيها: لو قال: أنفق والرهن فما أنفقت رهن، فهو بها رهن، ولو قال: ونفقتك في الرهن ففي كونه فائدة حبسه عن ربه في النفقة لا أنه رهن بها، قول ابن شبلون: أخذها بظاهرها، والصقلي عن بعض القرويين: متأولاً عليه المَوَّنة منكراً قول ابن شبلون، قائلاً: وقع المسألة في المجموعة والموازيَّة على ما فسرت، ولفظها في الكتابين لابن القاسم: إن أنفق عليه بإذن ربه أو بغيره فهو سلف لا يكون في الرهن إلا أن يشترط أنه رهن في النفقة، إلا أن له حبسه بما أنفق، ودينه إلا أن يكون على الراهن دين فلا يكون أولى بما فضل عن دينه إلا أن يشترط أن ذلك رهن في النفقة.
قُلتُ: حاصل ما ذكره عن الكتابين أنه لا يكون رهناً إلا أن يشترط أن ذلك رهن في النفقة، وليس هذا محل الخلاف مع ابن الماجَشُون، ونقل المازري ما في الكتابين بزيادة نصها، أو يقول له: أنفق ونفقتك في الرهن، فيكون أحق به من الغرماء، وهذه الزيادة إن صجت حجة على ابن شبلون، وقد يؤخذ من آخر نقل الصقلي عن الكتابين إن قال له الإمام في غيبة الراهن: أنفق على أن نفقتك فيه، كان أحق به من الغرماء، وذكر ابن عبد السلام هذه الزيادة من كلام بعض الشُيُوخ، فظاهره أنها ليست رواية، ورد عبد الحق قول ابن شبلون بقولها في الوكالات فيمن أمر غيره أن يشتري له وينقد عنه، ويحبسه حتي ينقده الثمن: أنه رهن، وقوله: أحبسه ونفقته في الرهن سواء.
قُلتُ: لفظ احبسه أقرب لمعنى الرهن، ولو تهدر بين الثمرة الرهن، ففي وجوب إصلاحها الراهن لتمام الثمرة نقلا الباجي عن ابن القاسم في المختصر، وعنها عزا ابن رُشْد الأول لسماعه يحيى فقط، وقال: هو خلاف قولها: إن أبى أن يصلحها فللمرتهن إصلاحها ليحيي رهنه، ولا يرجع بنفقته على الراهن، وتكون في الرهن مبداة على الدين، فإن لم يكن في الرهنإلا قدرها تبع الراهن بدينه، وإن قصر الرهن عنها لم يتبع الراهن بتمامها، وقال أشهب: هو أولى بماء البئر حتي يعطيه بقيه نفقته، ولا شيء على المرتهن فيما