وقال ابن عبد السلام: ليس ذلك انتزاعا، إنما هو شبه انتزاع، ولو كان انتزاعاً لافتقر بعد الفداء إلي تمليك آخر، ويرد بأن شبه الشيء في الفقهيات، كالشيء فما لزم في الانتزاع؛ لزم في شبهه؛ والصواب ما وقع في الموازيَّة أنه انتزاع، ويرد إلزام اللخمي علي أنه انتزاع افتقاره لرد جديد، فإنه انتزاع لشيء خاص، وهو دين الارتهان لا لمطلق ملك المنتزع، فإذا سقط تعلق دين الارتهان بقي على ما كان عليه لمن انتزع كمن انتزع جارية عبده بهبتها لرجل، فلم يقبلها.

وقال ابن رُشْد في رسم: إن خرج من سماع عيسى من كتاب النكاح.

قال في المدَوَّنة: إن رهنه أمة عبده معه غير انتزاع، ومنعها الوطء؛ لأنه تعريض لانتزاعه إياها، وقيل: هو انتزاع، والأول أظهر.

قال ابن عبد السلام: وهذا في المأذون له في التجارة، وأما المحجور عليه؛ فليس له وطء أمته إلا بإذن سيده كما تقدم.

قُلتُ: ظاهر الروايات في المدَوَّنة وغيرها: أن للعبد أن يطأ أمته دون إذن سيده في وطئها، وليس كما زعم، وغره في ذلك-والله أعلم- قول الصقلي وغيره في مسألة كتاب النكاح الأول، وللمكاتب والعبد التسري في ماله بغير إذن سيده.

قال الصقلي: يريد: إن كان مأذوناً له في التجارة، ولا دليل فيه على وطء غير المأذون له على إذن سيده؛ لأن معنى التسري في ما له أن يكون بيده مال؛ فيريد: أن يتسرر فيه، وهذا لا يمكنه الوطء بملكه إلا باشتراه الأمة، ومطلق شرائه لا يجوز إلابإذن سيده، وأما الوطء لما تقرر في ملكه فلا موجب؛ لافتقاره لإذن سيده، وقد قال أبو إبراهيم في مسألة كتاب النكاح لما حكى قول ابن يونس.

قال ابن رُشْد: وكذلك العبد المحجور، ولابن رُشْد في المقدمات: مذهب مالك: أن للعبد التسرر في ماله إذا أذن له سيده، ويطأ بملك يمينه.

قُلتُ: فقيد التسرر بإذن السيد دون وطئه.

وفيها: إن وطئها المرتهن فولدت منه حد ولم يلحق به الولد ولا يعتق عليه إن ملكه، وكان رهنا مع أمه، ويغرم ما نقصها وطؤه، ولم كانت ثيباً أو أكرهها، وكذا إن طاوعته وهى بكر، وإن كانت ثيباً فلا شيء عليه، والمرتهن وغيره في ذلك سواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015