القرينان: لا يجوز رهن الأمة الحامل دون جنينها.
ابن رشد: قال بعض أهل النظر: لأن استثناءه في البيع لا يجوز، وليس بالبين؛ لأن علته في البيع صيرورة البائع مشتريًا له بناء على أن المستثنى مشتري، وعلى أنه مبقى لا موجب لمنعه، وعلى هذا جوازه عند من أجازه وهذا لا يتصور في الرهن؛ لأن الأم والجنين باقيام على ملك البائع، إلا أنه لما منع رهن الجنين دون أمه إتباعا على غير قياس منع رهن الأم دونه استحسانا دون قياس، وكان القياس رهن كل واحد منهما دون الآخر، كرهن الثمرة التي لم تؤبر دون الأصل، ولما ذكر المازري قياس منعه في الرهن على البيع.
قال: على أن المنع في البيع للغرر، والرهن قد يجوز فيه الغرر، لكن الولد كعضو من أمه، فكما لا يجوز استثناء عضو منها في الرهن، فكذا الجنين.
قال: والغرر في الجنين أشد منه في الثمرة؛ لأنها موجودة مشاهدة، والغرر في ترقب إبانها، والجنين الضرر في تقرر وجوده وكيفيته حين وضعه، وغرر الآبق أخف منه، ورهن ثمر لم يخلق من شجر معلومة كالجنين، ولابن رشد في رسم شك رهن العبد الصغير الذي لا يفرق بينه وبين أمه في البيع، بشرط أن يحوزه دون أمه فاسد يفسخ وشرط حوزه معها جائز، وفي كراهته ابتداء قول مالك في سماع يحيى، وقول ابن وهب وهو الأظهر، وإن رهنه دون شرط فسمع أبو زيد ابن القاسم يجبر على تحويزه في أمه معه، ويتخرج فيها قول آخر من قولها في التجارة بأرض الحرب: وهو إن أبى الراهن أن يحوز الأم، وأبى المرتهن إلا أن يحوزه، رهنه أن يباعا معًا، فيكون للمرتهن رهن مناب الولد، ولما ذكر المازري قول ابن القاسم: لا يجوز رهنه إلا مع أمه، وأنه حمل على المعية في الحيازة، قال: وقال ابن شعبان: لا يرهن دون أمه حتى يثغر، إلا أن يرهن معها كالبيع.
قلت: ففي رهنه دونها مع شرط حوزه معها الجواز والكراهة، والمنع، وعزوها ظاهر، والمعروف جواز رهن الثمر قبل بدو صلاحه، وتقدم نقل الخلاف فيه في العقد، وذكر غير واحد المنع فيه مخرجًا خلاف ذكره ابن رشد رواية لابن القاسم.
المازري: رهن ثمرة لم تخلق كالجنين.