تسليمه ما بيده مع تعذر قبضه عوضه بخلاف مبتاع السلعة المعينة ضرورة تيسر قبضه السلعة، وهذا لا ينعكس في تبدئة المكتري ضرورة صدق نقيضه، وهو قولنا: لو بدئ المكري بدفع تمام ما بيده لما لزمه الضرر الناشئ عن تسليمه ما بيده مع تعذر قبضه عوضه ضرورة تيسره، وقوله: ويؤكده إلخ يرد بأن بائع السلعة إلي أجل دخل على تسليم ما بيده مع تأخر عوضه، وكذا المكتري إن دخل على ذلك ولو بالعرف ولو بتعرض لرد تخريج القول الآخر على تبدئة الزوج بدفع المهر، وكذا ابن عبد السلام وكثيراً ما كان يجري لنا رده بأن تسليم عوض المرأة ملزوم لتفويته فوجب تأخيرها بالدفع خشية طرو تعذر تسليم عوض بخلاف تبدئة بائع السلعة بدفعها.
وقال اللخمي إثر نقله قول ابن القُصَّار: إن كان المبيع ثوباً بثوب فتشاحا: فعلى كل منهما مد يده بثوبه، فإذا تجاذبا قبض كل منهما ما اشتراه، وكذا في بيع ثوب معين بعد وزنه وتقليبه، وإن كان المبيع أرضاً أو ما لا بيان به جبر المبتاع على دفع الثمن إذ ليس على البائع أكثر من رفع يده والتسليم بالقول مع كون المبيع فارغاً من أشغاله، وعلى القول: إن العقد بيع في الحقيقة فإن كان بيع الثوب بعين بدأ بائع الثوب بتسليمه وإليه رجع مالك في مختصر ما ليس في المختصر إن كان المشتري موسراً من أهل البلد يريد أن البائع يصير في معنى المتعدي بإمساكه؛ لأن المبيع صار للمشتري بنفس العقد، وللبائع مطالبته في ذمته بالثمن فعليه أن يسلم للمشتري ملكه والإمساك حتى يقبض الثمن ضرب من الارتهان، ولا يكون إلا بشرط، وإن كان فقيراً أو غريبا كان الإمساك من سبب المكتري فكانت المصيبة منه.
قُلتُ: وهذا عكس ما تقدم للمازري عن مختصر ما ليس في المختصر وذكر المازري قول اللخمي وقال: يبعد تحصيل هذا في الوجود لأنهما إذا تلاقت أيديهما فقد لا تمكن المساواة في التقابض في أضيق زمن، وقد يقول أحدهما: أزل يدك عن ثوبك قبل أن أزيل يدي عن كسائي ويعكس الآخر وتصور تقابضهما معاً بعيد، ولكن إذا بعد، فالقرعة أولى، ولما ذكر ابن محرز قول عبد الملك ومالك في وقف ثمن المتواضعة بطلب بائعها وعدمه قال وهذا الخلاف مبني على الخلاف فيمن باع سلعة يقدر على تسليمها، من قال البائع: يبدأ بالدفع يرى ما قاله مالك، ومن قال: التسليم في العوضين معاً