من الحب قضبًا جاز، وقولها في أكرية الدور: ومن أكرى أرضه بدنانير مؤجلة فحلت فلا يأخذ بها طعامًا ولا إدامًا وليأخذ ما يجوز أن يبتدي به كراءها.
قُلتُ: وكذا اللحم عن ثمنه الحيوان وعكسه.
الباجي: إن أخذ أقل من الأول في كيله وهو مثله في نوعه وصفته فاختلف فيه قول مالك في الموَّازيَّة أجازه فيها مرة، وبه قال أشهب وأباه مرة وهو الذي في المدَوَّنة الصقلي عن ابن القاسم: لا يعجبني أن يأخذ إلا مثل كيل حنطته وصفتها بمثل الثمن أو أكثر منه، ولا يجوز بأقل؛ لأنه سلف جر نفعًا، وقال في العتبية: استثقل مالك أن يأخذ أكثر من مكيلته وهو سهل، ولو قاله قائل: لم أره خطأ، وأجازه أشهب ولم يذكر اللخمي في منع أخذ أكثر من الأول خلافًا، ولما ذكر ابن محرز منع ابن القاسم أخذ أقل من الأول قال: وخالفه فيه أشهب وقال: لا تهمة فيه، كما لو أقاله من عروض السلم على أقل من رأس المال وهو ذهب، فكما لم يكن ذهبًا بذهب؛ لأنتفاء التهمة فكذا في الطعام، واتفقا في العروض إذا كانت رأس المال؛ لأنه يجوز أن يأخذ عنها أقل منها، ووجه قول ابن القاسم الفرق بين الذهب والطعام أن الذهب لا ضمان فيه وإن كان فيه الربا، والطعام فيه الضمان والربا، وأجازه في العروض وإن كان فيها الضمان؛ لأنه لا ربا فيها وخالف ابن القاسم أصله في الموَّازيَّة فأجاز أن يأخذ من ثمن طعامه من جنسه مثل كيله أدنى منه، ويحتمل أن يفرق بأن بيع مائة بخمسين لا يجوز، وبيع مائة بمائة أدنى جائز.
قُلتُ: فقول ابن الحاجب: وجاء في بيع أقل منه بمثل: قولان لمالك وابن القاسم، الأردأ مثله الأظهر أن مراده لكل منهما القولان.
أما لمالك فقد صرح بهما الباجي عنه، وأما لابن القاسم فما أشار إليه ابن محرز بقوله: وخالف ابن القاسم أصله إلى آخره، ويكون ابن الحاجب غير معتبر الفرق الذي ذكره ابن محرز، ولذا قال: وإلا روي مثله، إلا أن أحد قولي ابن القاسم على هذا التقدير مخرج لا نص.
اللخمي: إن كان الثاني أدنى صفة وأكثر كيلًا لم يجز.