لهذا الوصف وهو شرط عدم المقاصة كون الثمن الثاني ليس أكثر من الأول انتفى عنه علة دفع قليل في كثير، وبقي علة عمارة الذمتين، فعمارة الذمتين ألزم لموجب الفساد الذي هو شرط عدم المقاصة من دفع قليل في كثير له، فالوصف الملازم أقوى من المفارق ضرورة، وتهمة الأقوى معه أقوى من تهمة غير الأقوى معه ضرورة أن المتفاوتين إذا زيد على أحدهما ما هو مساو لما زيد على الآخر لم يزالا متفاوتين وجعل ابن عبد السلام أحد نقلي ابن الحاجب عدم التعجيل حسن ولا يخفى على منصف تقريره كلام ابن الحاجب بقوله، قوله: فإن التهمة فيها أبعد، لو كانت الأولى نقدًا هذا توجبه للقول بمنع المسألة السابقة على ضعفه؛ لأن البيعة الأولى من البيعتين إن كانت مؤجلة اتهم فيها كل أحد وإن كانت نقدًا فالمشهور لا يتهم فيها إلا أهل العينة فكأنه يقول التهمة الضعيفة التهمة في مسألة إفاتة البائع السلعة أقوى منها إذا كانت الأولى نقدًا فإذا روعيت التهمة فأحرى القوية.
قُلتُ: فجعل المستنتج بهذا الكلام منع مسألة الإتلاف بالقياس الأحروي على منع مسألة البيعتين أولاهما نقدًا، ولم يتقدم له في مسألة الإتلاف قول بمنع المسألة بحال، إنما فسر نقلي المؤلف بتمكين المشتري قبض الأقل وعدمه، ويبعد أن يريد بمنع المسألة منع التعجيل ليس العبارة عنه بلفظ منع التعجيل، ثم قال: قوله: ولذا فسد في تساوي الأجلين إذا شرطا إلى آخرة، يعني لمراعاة قوة التهمة وضعفها منع ما أصله الجواز وهو إذا تساوى أجل البيعتين وشرطا عدم المقاصة وأجيز ما أصله المنع، وهو ما إذا كانت البيعة الثانية بأكثر إلى أبعد من الأجل إذا شرطا المقاصة لما أدى إليه في الأولى من الدين، وفي الثانية إلى السلامة من دفع قليل في كثير، ولقائل أن يقول قوة التهمة وضعفها في هاتين الصورتين إنما نشأ عن الشرط، والصورتان المتقدمتان ليس فيهما شرط فلا يصح احتجاجه. انتهى.
قُلتُ: حاصله بيانه قوة التهمة بصورة المنع، وبيان ضعف التهمة بصورة الجواز، وبيانه الثاني بالثانية لا يصح؛ لأن ضعف التهمة إنما يصدق حيث يكون هناك شيء يتهم عليه، والصورة الثانية ليس فيها ما يمكن أن يتهما عليه بحال.
فإن قلت: فيها ما يمكن أن يتهما عليه، وهو قصدهما عمارة ذمتهما بما لكل منهما