ضمير منها عائد على بيوع الآجال وذلك مانع من نقضه بمسائل الصرف، والاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا إذا كان البيع نقدًا، فإذا كان إلى أجل فالنقض فيه ممنوع؛ بل هو من صور المعرف حسبما ذكره ابن رُشْد وغيره في جملة صور بياعات الآجال. وكان بعض الإسكندرانيين أورد أسئلة على مواضع من كلام ابن عبد السلام وبعث بها إليه زمن قراءتي عليه فطلبني بالجواب عن الأسئلة فأجبت عنها فنظرها، وبعث بها مع جالبها إليه منها سؤاله عما يعود عليه ضمير منها قال ما حاصله: إما أن يعود على صور أو على بيوع الآجال لا يخلو عن أحدهما وكلاهما باطل، أما الأول فلأنه تحصيل الحاصل فكان حشوًا، وأما الثاني فلإيجابه الدور؛ لأنها المعرف، وفهم الضمير متوقف على فهم ما يعود عليه وهو المعرف فالتعريف متوقف على فهم المعرف، وكان جوابه منع لزوم الدور لجواز عوده على بيوع الآجال من حيث المعنى الإضافي لا اللقبي، فهو من باب عندي درهم ونصفه ومما أنشد عليه سيبويه:
أري كل قوم قاربوا قيد فحلهم ... ونحن جلعنا قيده فهو سارب
فإن قلت: شرط عود الضمير على اللفظ دون المعنى تماثل المعنيين كالدرهمين والفحلين، ولذا جعله بعضهم من باب حذف المضاف والضمير عائد على المذكور لفظًا ومعنى أي ونصف مثله.
قُلتُ: إنما ذلك حيث لا يكون اللفظ في المعنى الذي يعود عليه الضمير أجلى منه في المعنى الذي استعمل فيه أولا كما في المثالين المذكورين، ولفظ بيوع الآجال في المعنى الإضافي أجلى منه في المعى اللقبلي، ويجاب أيضًا بأن فهم ما يعود عليه الضمير يكفي فيه مطلق الفهم بأمر صادق عليه أعم منه، والمستفاد من التعريف فهم حقيقته كالتصور الذي هو شرط في التصديق والتصور المستفاد من التعريف، فلا دور وعلة ممنوعه الذريعة وهي: ظهور جواز يقصد به فاسد لا نادرًا أقوى دليل اعتبارها، نقل الباجي الإجماع على منع بيع وسلف مع جوازهما منفردين ولا علة غيرها، وأثرها، وأثر عائشة قالت: لها محبة أم ولد لزيد بن أرقم: بعت من زيد عبدًا إلى العطاء بثمان مائة فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته منه قبل محل الأجل بستمائة، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت