ثلث رطل سعره عليكم من الضأن وعل نصف رطل نسعره عليكم من الإبل؛ لأن ذلك إنما يجوز له إذا علم أنهم يتساهلون في الشراء ويزيدون على القيمة.
قُلتُ: ظاهر نقل ابن رُشْد القول بالتعسير إيجابه ولفظ ابن حبيب في النوادر ما نصه: لا يكون التسعير عند من أجازه إلا عن رضى ومن أكره الناس عليه فقط أخطأ، وهذا إذا كان الإمام عدلًا ورآه مصلحة فجمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء، يسألهم كيف يبيعون وكيف يشترون وليس ما أجازوه من ذلك في القمح، والشعير وشبهه؛ لأن الجالب يبيعه ولا يترك التجار ليبيعوه على أيديهم إنما ذلك في مثل الزيت والسمن والعسل واللحم والبقل والفاكهة، وشبه ذلك ما عدا البز والقطن وشبهه، وعلى الأول سمع عيسى ابن القاسم: من حط السعر وأدخل على الناس فسادًا، أمر بسعر الناس أو الخروج من السوق، ولو باع واحد أربعة أرطال والناس يبيعون ثلاثة لم يقاموا الواحد والاثنان ولا خمسة، وإنما يقام الواحد والاثنان إذا حطوا عن حد سعر الناس فأدخلوا الفساد، وسمع ابن القاسم: ليس لجالب الطعام أن يبيع بسعر دون سعر الناس سَحنون يريد فيما هو في جودة سلعته، وليس عليه أن يبيع الجيد بسعر الردئ.
ابن رُشْد: معنى بدون سعر الناس: في المثمون لا الثمن، وذكر بعض الناس تأويلًا على رواية ابن القاسم هذه وأمثالها، إن الواحد والاثنين من أهل السوق ليس أن يبيعوا بأرخص مما بيع أهل السوق؛ لأنه ضرر بهم وممن قاله عبد الوهاب بن محمد بن نصر البغدادي وهو غلط ظاهر إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع؛ بل يشكر عليها وقول سَحنون: يريد مما هو في جودة سلعته، مثله لابن حبيب قال: إنما المنع إذا تساوى الطعام أو تقارب، وإن اختلف فزاد صاحب الجيد على أصحاب الرديء إنما هو في الأندلس إذ ليس بين قمحها في الاختلاف مثل ما بإفريقيَّة ولا بمكة حيث يجتمع سمراء الشام والمحمولة قاله فضل، وهو صحيح فإن كان المرخصون الاثنين والثلاثة ونحو ذلك مما هو يسير لم يرد إليهم غيرهم مما هو كثير، فإن كانوا كثيرًا رد إليهم غيرهم، وإن كانوا أكثر منهم، وإن كان الكل قليلًا فالأقل تبع للأكثر إن كان الأكثر المرخصين وإلا ترك كل واحد على بيعه، وذكر الحكرة في المرابحة، إن شاء الله.